مراقب من شمال غزة: الاحتلال يفاقم المأساة الإنسانية

تواجه غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة مع استمرار الحصار والتصعيد العسكري الإسرائيلي، وسط صمت دولي وتواطؤ غربي؛ فمع إغلاق المعابر وقطع الإمدادات، يعاني القطاع من شلل تام في قطاعات الكهرباء والمياه والصحة، بينما تتصاعد حدة القصف الذي يستهدف الأحياء السكنية، متسببًا في مجازر بحق المدنيين، وفي ظل النزوح القسري والمجاعة التي تهدد حياة الآلاف، يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام واقع مأساوي يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، في وقت تمنح فيه القوى الكبرى الاحتلال غطاءً سياسيًا لمواصلة جرائمه دون رادع.
وفي هذا الإطار، أكّد الكاتب والباحث السياسي الأكاديمي الفلسطيني، حسن محمد القانوع، أنّ "الاحتلال الإسرائيلي يواصل فرض قبضته الحديدية على قطاع غزة لليوم العشرين على التوالي، من خلال إغلاق المعابر في خنقٍ متعمد يزيد من حدة المعاناة الإنسانية، التي بلغت مستويات كارثية".
وأشار القانوع، في تصريح خاص لـ"قدس برس"، مساء اليوم الخميس، إلى أنّ "غزة تعيش منذ أكثر من عام ونصف في ظلام دامس بعد الانقطاع الكامل للكهرباء، بينما تعمدت قوات الاحتلال تدمير آبار المياه والبنية التحتية، مما حوّل حياة السكان إلى جحيم يومي في ظل أزمة خانقة في المياه والصرف الصحّي".
وفيما يخص القطاع الصحّي، أوضح القانوع أنّ "المستشفيات باتت تلفظ أنفاسها الأخيرة مع استمرار منع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية، إضافة إلى إغلاق المعابر أمام الوفود الطبية ومنع سفر المرضى للعلاج، تاركاً آلاف الأرواح تصارع الموت في مشاهد مأساوية لا تجد من ينقذها".
وأضاف أنّ "الاحتلال عاد إلى شنّ "حرب إبادة شاملة" قبل أيام، متجاهلاً اتفاق وقف إطلاق النار، مما فاقم المأساة إلى حدود غير مسبوقة، مؤكداً أن القصف الهمجي يستهدف الأحياء السكنية بلا تمييز، ليحصد أرواح الأبرياء من النساء والأطفال، دون أيّ اعتبار للقوانين الدولية أو النداءات الإنسانية".
كما لفت إلى أنّ "الإحتلال دفع بجرائمه إلى مستوى أكثر وحشية عبر إجبار الأهالي على النزوح القسري الأخير، حيث أُرغم عشرات الآلاف في شمال غزة وشرق خانيونس على مغادرة منازلهم مجدداً، ليجدوا أنفسهم في العراء بلا مأوى، بلا طعام، بلا دواء، ودون أدنى مقومات الحياة من غطاء وفراش وغيره، ليواجهوا مستقبلاً مجهولًا لا يحمل لهم سوى المزيد من الألم والموت".
و شدد على أن "المجاعة باتت تفتك بالسكان، حيث لا طعام ولا ماء صحي، فيما ارتفعت الأسعار بشكل جنوني مع انعدام أي مصادر دخل وانقطاع الإمدادات".
وأكد أنّ "الاحتلال يستخدم الجوع سلاحاً آخر لإبادة من تبقى على قيد الحياة، بينما العالم يراقب بصمت، وأمريكا والغرب يمنحون القتلة غطاءً سياسياً ودعماً عسكرياً، وسط تواطؤ عربي مخزٍ وصل إلى حد الخذلان، بل حد الخيانة".
واستأنف الاحتلال الإسرائيلي العدوان على قطاع غزة فجر الثلاثاء الماضي، وسرعان ما امتلأت ساحة مستشفى المعمداني في مدينة غزة بجثامين الأطفال والنساء إثر استهدافهم بالطائرات الحربية أثناء نومهم في منازلهم وفي خيام النازحين بشمالي القطاع، في أكبر خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي أبرم بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير الماضي.
وبدعم أميركي أوروبي ارتكبت قوات الاحتلال بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و19 كانون الثاني/يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.