البرازيل.. افتتاح المركز الثقافي الفلسطيني في "بورتو أليغري"

افتُتح مساء الثلاثاء، في مدينة بورتو أليغري، عاصمة ولاية "ريو غراندي دو سول" جنوب البرازيل، "المركز الثقافي الفلسطيني"، ليشكّل مساحة دائمة للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ومنصة لدعم نضاله السياسي والثقافي في قلب أمريكا اللاتينية.
وجاء افتتاح المركز بمبادرة من عضو مجلس بلدية بورتو أليغري، بيدرو رواس (حزب الاشتراكية والحرية)، الذي أكد في كلمته أن "المركز الثقافي الفلسطيني سيكون بيتًا للمقاومين وأصدقاء فلسطين في المدينة"، مشددًا على أهمية التعبير عن الدعم الشعبي والدولي لفلسطين في مواجهة ما وصفه بـ"الإبادة الجماعية" المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
وقال رواس أمام الحضور: "نحن هنا اليوم في هذا المكان الذي يمثل خطوة جديدة في مسيرتنا من أجل العدالة"، لافتًا إلى أن الواقع الذي تعيشه الشعوب المضطهدة حول العالم من فقر وبطالة وعنف، يتكرر في فلسطين ولبنان وأماكن أخرى، حيث تغيب العدالة وتُفرض الهيمنة الإمبريالية.
وأضاف: "كل واحد منا عليه مسؤولية، ويجب أن يؤدي دوره"، مستذكرًا التحركات الطلابية في الولايات المتحدة وأوروبا ضد الحروب، ومؤكدًا أن إنشاء مساحة مثل هذا المركز هو رسالة واضحة بأننا "قادرون على المقاومة، ولا نخاف"، وأن "هذه المعركة لا نخوضها فرادى، بل معًا".
وأشار إلى أن المركز يُمثّل كذلك زميلته النائبة لوسيانا جينرو، مؤكدًا أن هذه المبادرة هي ثمرة جهود جماعية استمرت لسنوات. كما استعرض لحظة شخصية مؤثرة في مسيرته السياسية، بعرض صورة جمعته برئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات في العاصمة البرتغالية لشبونة عام 2000، خلال لقاء مثّل فيه الزعيم البرازيلي الراحل ليونيل بريزولا، واصفًا تلك اللحظة بأنها "شهادة على نضال طويل من أجل العدالة والتحرر".
وشهد حفل الافتتاح كذلك إطلاق "الجبهة البرلمانية البرازيلية الفلسطينية"، وهي مبادرة تهدف إلى تعزيز التنسيق بين البرلمانيين البرازيليين في الجنوب البرازيلي ومناصري القضية الفلسطينية على المستويين الرسمي والشعبي.
كما ألقى وليد رباح، رئيس اتحاد المؤسسات العربية الفلسطينية في البرازيل (فيبال)، كلمة خلال الافتتاح، أشاد فيها بالحضور والداعمين، قائلاً: "أحيّي كل من قاد المؤسسات الفلسطينية في هذا البلد، وكل من ساهم في دعم فلسطين على هذه الأرض، وأخصّ بالتحية إخوتنا العرب الحاضرين، لا سيما من يحملون خبرات وتجارب طويلة في النضال، وأولئك الذين جاؤوا اليوم تضامنًا. هذه الوقفة تعبّر عن التزام حيّ من ولاية ريو غراندي دو سول بالقضية الفلسطينية".
وانتقد رباح موجات الاضطهاد التي تتعرض لها الأصوات المؤيدة لفلسطين في البرازيل، مشيرًا إلى حملات تطال "البرلمانيين، والمثقفين، والنشطاء"، كما حدث في مجالس بلدية كوريتيبا وساو باولو، لافتًا إلى أن النائبة لورا سيتو، وعضو المجلس الذي استضاف الحدث، تعرضا بدورهما للملاحقة.
وقال: "هناك محاولات لتحويل المؤسسات المنتخبة إلى منصات لتبرير الإبادة الجماعية، من خلال تمرير مبادرات تسعى إلى فرض رواية تُشرعن الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني".
وأشار إلى أن هذه الحملات ليست جديدة، بل تُذكّر بممارسات دعاة التفوق العنصري الذين سعوا لتبرير الاستعمار، مؤكدًا: "ما نقوم به اليوم هو مواجهة مباشرة لهذه المحاولات"، داعيًا إلى تكرار هذه المبادرة في مدن برازيلية أخرى، ومضيفًا: "ليس من باب المصادفة أن تولد هذه المبادرة هنا، في أرض السياسي الراحل ليونيل بريزولا".
ويُتوقّع أن يحتضن المركز أنشطة ثقافية وتوعوية، وفعاليات فنية، وندوات سياسية، تُسهم في تعزيز حضور القضية الفلسطينية في الساحة البرازيلية، وترسيخ حالة التضامن اللاتيني مع نضال الشعب الفلسطيني.
ويأتي افتتاح المركز في ظل تصاعد ملحوظ في التحركات الشعبية الداعمة لفلسطين في البرازيل، والتي شهدت خلال الأشهر الماضية تنظيم فعاليات ومسيرات في عدد من المدن الكبرى، أبرزها ساو باولو، وريو دي جانيرو.
يُذكر أن البرلمان التشريعي لولاية "ساو باولو" البرازيلية، أحيا في الـ4 من أبريل/نيسان الجاري، "يوم الأرض الفلسطيني"، في جلسة رسمية دعت إليها عضو البرلمان، مونيكا سيشاس، وذلك بحضور واسع من أبناء الجالية الفلسطينية والعربية، إلى جانب عدد من النشطاء والسياسيين والأكاديميين البرازيليين المتضامنين مع القضية الفلسطينية.
وفي تصريحات خاصة لـ"قدس برس"، أكدت النائبة البرازيلية مونيكا سيساس أن دعم القضية الفلسطينية في البرازيل يتقاطع مع النضال الداخلي ضد العنصرية البنيوية التي تواجهها الشعوب السوداء والأصلية، مشيرة إلى أن "ما يجري في فلسطين يعكس منظومة اضطهاد استعماري عالمية".
وشددت على أن دور البرلمانات يجب أن يتجاوز الرمزية نحو خطوات عملية، كقطع العلاقات مع الأنظمة التي تمارس الفصل العنصري، مؤكدة أن "النضال من أجل فلسطين هو نضال من أجل العدالة لكل الشعوب المستضعفة".