"نشطاء المخيم".. جيل جديد من الصحفيين الفلسطينيين أفرزته الحرب

دفعت العمليات العسكرية الإسرائيلية المتكررة في المنطقة الشمالية من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، عددًا من نشطاء المخيم للقيام بمهام الصحفي الميداني، من خلال التفرغ لمواكبة الأحداث الميدانية ونشرها على منصات إخبارية، بهدف وضع الأهالي في صورة الأوضاع الأمنية.

ومن بين هؤلاء كان الناشط الشبابي محمد الهور، الذي تحوّل في هذه الحرب إلى واحد من أهم مصادر الأخبار الميدانية في تغطية الأوضاع في المنطقة الشمالية من مخيم النصيرات المتاخمة لمحور "نتساريم"، حتى أن وكالات الأنباء العربية والعالمية باتت تستقي منه الأخبار اليومية، نظرًا لمصداقيته وتوثيقه بالصوت والصورة لكل ما يجري من أحداث في منطقة المخيم.

وكان الهور (39 عامًا) في الأصل صحفيًا يعمل في إذاعة "صوت الشعب"، لكن بسبب الحرب وتعرض الإذاعة للقصف، توقّف عن العمل، لينطلق في مهمة صحفية جديدة.

قنوات "تلغرام" بديلًا إعلاميًا في ظل القمع الرقمي

بدأ الصحفي الهور، وغيره من مئات النشطاء الإعلاميين الجدد في غزة، نشاطهم الإعلامي خلال هذا العدوان، من خلال نقل وتوثيق الأحداث الميدانية على صفحاتهم في "فيسبوك"، لكن تكرار حالات التقييد التي طالت حساباتهم دفعهم إلى إنشاء قنوات إخبارية على تطبيق "تلغرام".

ومن بين هذه القنوات، وأكثرها شهرة، قناة "النصيرات الإخبارية"، التي استطاعت خلال وقت قصير جدًا استقطاب أكثر من 100 ألف متابع، بفضل مصداقيتها وامتلاكها عشرات المراسلين الميدانيين الذين يغطّون كامل منطقة مخيم النصيرات.

يقول الهور، وهو أحد المشرفين على قناة "النصيرات الإخبارية"، لـ"قدس برس": "لقد كان حبّ المخيم وأبنائه وعائلاته لي دافعًا أساسيًا للقيام بهذه المهمة. الكثير من جيراني وأصدقائي غادروا المخيم ونزحوا بعيدًا عنه، وبالتالي باتوا – للأسف – غير قادرين على معرفة ما يجري من أحداث في منطقة سكناهم، فكانت قناتي الإخبارية بمثابة عين لهؤلاء الأهالي يرون من خلالها ما يجري من أحداث وتطورات حتى وهم بعيدون عنها".

غياب الحماية والدعم للنشطاء الإعلاميين

تواكب القنوات الإخبارية في قطاع غزة جميع الأحداث الميدانية، فتنقل بالصوت والصورة أماكن القصف والاستهدافات، وأعداد الشهداء والإصابات وأسمائهم، كما تضع المواطنين في صورة الأوضاع الاقتصادية، فتنقل أخبار النازحين، وأوضاع الأسواق، وأسعار السلع، وجدول وصول المياه للمنازل.

ويستعين ضباط الإسعاف وفرق الإنقاذ بهذه القنوات الإخبارية للحصول على تحديثات حول أماكن القصف، بسبب الانقطاع والتشويش المتكرر في شبكات الاتصال الخلوي.

ويزيد عدد القنوات الإخبارية التي أُنشئت خلال الحرب الحالية عن 100 قناة، يديرها صحفيون وناشطون وحتى سياسيون، ينقلون من خلالها صورة الوضع الميداني والسياسي.

وبالرغم من هذا النشاط الإعلامي، إلا أن هذا الحقل المستحدث في غزة يفتقر إلى وجود أي مؤسسة ناظمة، فعلى سبيل المثال، ترفض نقابة الصحفيين إدراج النشطاء الميدانيين ضمن أعضائها، وبالتالي يُحرَم هؤلاء الناشطون من الحصول على أي معدات أمن وسلامة (الدرع، والخوذة) التي يستوجب ارتداؤها في أوقات التصعيد.

ويطالب هؤلاء الصحفيون بمعدات تصوير أو هواتف حديثة، وصولًا إلى رعاية أسرهم في حال استُشهدوا خلال تغطيتهم للأحداث الميدانية.

وتجاوز عدد الشهداء من الصحفيين في هذه الحرب التي تشنّها "إسرائيل" على غزة 213 شهيدًا، كان آخرهم الصحفي تامر إنصيو "مقداد"، الذي ارتقى صباح اليوم الجمعة بجانب عدد من أفراد عائلته، والصحفية فاطمة حسونة، التي ارتقت أول أمس الأربعاء، إثر قصف استهدف منزلها في حي التفاح شرق مدينة غزة، ما أدى إلى استشهادها مع عشرة من أفراد عائلتها.

وكان الاحتلال الإسرائيلي قد استأنف فجر 18 آذار/مارس 2025، عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طوال فترة التهدئة.

وبدعم أميركي وأوروبي، ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 167 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
الأطفال يدفعون ثمن الحصار "الإسرائيلي".. مزيد من الشهداء جوعاً في غزة
مايو 24, 2025
أعلنت وزارة الصحة في غزة عن استشهاد طفل آخر بسبب المجاعة وتداعيات الحصار "الإسرائيلي" المستمر على القطاع، في حين حذّر برنامج الغذاء العالمي من أن عشرات الآلاف من الأطفال يواجهون مستويات حادة من سوء التغذية. وقالت الوزارة في بيان تلقته "قدس برس"، مساء اليوم السبت، إن "الطفل مصطفى ياسين استشهد نتيجة سوء التغذية والجفاف في
إصابة فلسطينيين بهجوم للمستوطنين على مغاير الدير برام الله
مايو 24, 2025
هاجم مستوطنون تجمع مغاير الدير شرق مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، واعتدوا على ساكنيه، ما أدى لوقوع إصابات. وأفاد الناشط فارس كعابنة في تصريح صحفي اليوم السبت، أن "مستوطنين هاجموا التجمع بحماية قوات الاحتلال وأطلقوا الرصاص الحي، واعتدوا على ساكنيه أثناء إخلائهم للمكان، ما أدى لإصابة عشرين فلسطينيا". وأضاف أن "المستوطنين لاحقوا السكان
لبنان.. أنشطة ثقافية في المخيمات الفلسطينية تؤكد على التمسّك بحق العودة
مايو 24, 2025
في كل عام، تُعيد النكبة الفلسطينية إنتاج حضورها في ذاكرة اللاجئين، لا كذكرى فقط، بل كواقع مستمرّ من الشتات والاقتلاع والحرمان. ومع حلول الذكرى الـ77 لتهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم عام 1948، تبرز المبادرات الشبابية والثقافية كأداة مقاومة معرفية، تسعى إلى صون الذاكرة الجماعية، وترسيخ مفاهيم الهوية والانتماء، خاصة في أوساط
"إسرائيل" تكرر سرديتها: قتلنا أطفال الطبيبة في خان يونس بسبب وجود "مسلحين"
مايو 24, 2025
في واحدة من أكثر الجرائم إيلامًا منذ بدء عدوان الاحتلال على غزة، فجعت الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار، أخصائية الأطفال في "مجمع ناصر الطبي"، بوصول جثامين وأشلاء تسعة من أطفالها إلى المستشفى الذي تعمل فيه، بعد أن قضوا حرقًا نتيجة غارة جوية من قبل جيش الاحتلال استهدفت منزل العائلة في منطقة قيزان النجار جنوب مدينة خان
لازاريني: خطة المساعدات الإنسانية الجديدة في غزة وُضعت لهدف عسكري أكثر منه إنسانيًّا
مايو 24, 2025
أكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، أن مخطط الإمداد الإسرائيلي المقترح في غزة لن ينجح. وقال لازاريني، في منشور على حساب "أونروا" على منصة "فيسبوك" اليوم السبت: "ليس من الممكن لمنظمة إنسانية تحترم حقًّا المبادئ الإنسانية الأساسية، أن تلتزم بمثل هذا المخطط". وأعرب عن اعتقاده أن "مثل هذا
"الإعلام الحكومي": 84 يوماً من حصار غزة الشامل.. الاحتلال ينفذ إبادة جماعية ويهندس سياسة تجويع المدنيين
مايو 24, 2025
أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الاحتلال "الإسرائيلي" يواصل، لليوم الـ84 على التوالي، فرض حصار خانق ومُحكم على قطاع غزة، من خلال الإغلاق التام لكافة المعابر، وتنفيذ سياسة تجويع جماعي ممنهجة ترتقي إلى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، إلى جانب تنفيذ إبادة جماعية وقتل يومي مستمر. وأشار المكتب، في بيان صحفي اليوم السبت، تلقته