بلجيكا أمام العدل الدولية: "إسرائيل" لا تملك السيادة على الأراضي الفلسطينية ولا صلاحية لها بمنع "الأونروا" في غزة

أعرب الوفد البلجيكي في كلمته أمام محكمة العدل الدولية، عن رفض بلاده للاتهامات الإسرائيلية التي تصف وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بأنها جزء من "آلة الإرهاب التابعة لحماس"، مؤكداً أن "إسرائيل" لم تقدم أدلة كافية تثبت تورط عدد كبير من موظفي الوكالة في أنشطة إرهابية.
وقال أنطوان ميسون، المستشار القانوني بوزارة الخارجية البلجيكية، في كلمته أمام المحكمة، اليوم الثلاثاء، إن "إسرائيل" تفتقر إلى السلطة القانونية التي تخولها منع هيئات الأمم المتحدة، وعلى رأسها "الأونروا"، من العمل داخل قطاع غزة، مشيراً إلى أن مثل هذه الصلاحيات تُمنح فقط للدول ذات السيادة على الأراضي المعنية، وهو ما لا ينطبق على "إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأضاف ميسون، أن "الإجراءات الإسرائيلية ضد الأمم المتحدة والأونروا غير مبررة وتشكل انتهاكاً لالتزامات الدول الأعضاء تجاه الأمم المتحدة".
وأشار ميسون، إلى أن الأمم المتحدة أجرت تحقيقات مستقلة بالفعل بشأن مزاعم سوء سلوك داخل "الأونروا"، نتج عنها فصل عدد من الموظفين المتورطين المحتملين في أحداث 7 أكتوبر 2023. لكنه شدد في الوقت نفسه على أن "بلجيكا بعيدة كل البعد عن الصورة التي تحاول إسرائيل رسمها للأونروا"، مجدداً رفض بلاده لما وصفه بـ"التشويه غير المبرر" لدور الوكالة.
من جهته، دعا البروفيسور فايوس كوتروليس، أحد أعضاء الوفد البلجيكي في الجلسة، إلى إنهاء الحصار الإسرائيلي على المساعدات الإنسانية إلى غزة، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني في القطاع بات كارثياً، حيث "تقف غزة على شفا المجاعة"، بحسب ما ورد في تقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وأكد كوتروليس، أن القانون الدولي الإنساني يلزم "إسرائيل"، بصفتها قوة احتلال، بتوفير المساعدات للسكان المدنيين في غزة، مشيراً إلى أن مسؤولياتها تتعدى مجرد الامتناع عن إلحاق الضرر، بل تشمل أيضاً حماية النظام العام والحياة العامة في الأراضي المحتلة.
وأشار كوتروليس، إلى مقتل أكثر من 400 عامل إغاثة في غزة منذ أكتوبر الماضي، قائلاً: "لا يمكن تبرير استهداف العاملين في المجال الطبي أو الإنساني، لا سيما إذا كانوا يتحركون في مركبات تحمل إشارات واضحة". واعتبر أن هذه الهجمات تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
وشدد الوفد البلجيكي على أن "الاعتبارات الأمنية" التي تكرر إسرائيل الاستناد إليها لا تمنحها حق التملص من التزاماتها بموجب القانون الدولي. وقال كوتروليس: "تم أخذ المصالح العسكرية في الحسبان عند صياغة كل قاعدة من قواعد القانون الإنساني. ولذلك لا يمكن استخدام تلك المصالح كذريعة لخرقها".
وأضاف أن "إسرائيل" لا يمكنها قانونياً فرض قيود تجعل إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة مستحيلاً أو غير عملي، مؤكداً أن "المصالح الأمنية يجب أن تُمارس في إطار القانون الدولي، لا خارجه".
وافتتحت محكمة العدل الدولية، أمس الاثنين، أسبوعًا من جلسات الاستماع المخصصة لمراجعة التزامات "إسرائيل" الإنسانية تجاه الفلسطينيين، بعد أكثر من خمسين يومًا من فرض حصار شامل على دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب.
ووفقا لأجندة المحكمة، ستعقد جلسات الاستماع (مرافعات شفوية) خلال الفترة من 28 أبريل وحتى 2 مايو 2025، حيث إنّ 44 دولة و4 منظمات دولية أعربت عن نيتها المشاركة في المرافعات أمام المحكمة.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد استأنف فجر 18 آذار/مارس 2025، عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طوال فترة التهدئة.
وبدعم أميركي وأوروبي، ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 170 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.