الشيخ الأقطش.. ارتقى لحماية أبناء قريته من هجوم المستوطنين

ما أن سمع سامح الأقطش (37 عاما) أصوات الصراخ والتكبيرات الصادرة من المنازل القريبة حول بيته في قرية "زعترة" جنوبي مدينة نابلس، حتى خرج مسرعا، ليباغته مستوطنون كانوا على مقربة منه بإطلاق الرصاص عليه من مسافة قصيرة جدا، حيث أصيب بطلقات في بطنه وخاصرته، ونقل على سريعا إلى المركز الصحي في بلدة "بيتا" المجاورة، لكنه فارق الحياة.
يقول الناشط الفلسطيني أحمد الحواري لـ"قدس برس" إن الحادثة وقعت نحو الساعة العاشرة من ليلة أمس أحد، بالتزامن مع الهجوم الكبير الذي شنه المستوطنين على بلدات وقرى جنوب نابلس وخاصة بلدة "حوارة" ردا على مقتل مستوطنين اثنين عصر أمس برصاص أحد المقاومين على الشارع الرئيسي.
وتابع "حرقوا عشرات المنازل والمركبات، وانتقلوا تحت حماية جيش الاحتلال من منطقة إلى أخرى، حتى وصلوا إلى زعترة، وهي قرية صغيرة لا يزيد عدد البيوت فيها عن عشرة فقط من عائلة واحدة وهي الأقطش، التي يعود أصلهم جميعا إلى بلدة بيتا. حيث حاولوا الاستفراد بالساكنين هناك وحرق منازلهم، فهب الشهيد ومعه آخرون للدفاع عن أنفسهم".
ووفق شهود عيان فقد حاول البعض ثني الشهيد عن التصدي للمستوطنين، خوفا على حياته، فكان رده بصوت عال "الرب واحد والعمر واحد، وما رح نسمح لهم يعتدوا علينا".
وبحسب الحواري "بعد أقل من دقيقتين على هذا الحوار، وقع الأقطش على الأرض، وتبين أنه أصيب برصاص المستوطنين، وصار يردد الشهادتين".
ووفق عائلته، فلم يمض على عودة الشهيد سامح الأقطش، من تركيا، سوى عدة أيام، عقب تطوعه لمساعدة المنكوبين من الزلزال المدمر الذي ضربها، بداية شباط/ فبراير الجاري.
والشهيد من المحسوبين على ما يعرف بـ"رجال الدعوة"، الذين يطوفون دولا كثيرا للدعوة إلى لله، ومساعدة المنكوبين والفقراء.
كما أن الشهيد أحد المتطوعين في فريق الدفع الرباعي، الذين ينقذون العالقين، خاصة في المنخفضات الجوية، وتساقط الثلوج في فلسطين.
ويقول أحد أقرباء الشهيد الأقطش، إنه كان يملك محددة لانتاج وصناعة مدافئ الحطب، التي تشهد اقبالا عليها من المواطنين في فصل الشتاء.
وتابع "هو محب للحياة، وعلاقته ممتازة بكل من حوله، ويهوى الخروج إلى الجبال، ومساعدة الآخرين، فقبل سفره إلى تركيا لإغاثة المنكوبين من أضرار الزلزال المدمر، جمع مبلغا من المال ليتبرع به للفقراء".
والشهيد أقطش أب لولدين وثلاثة بنات، كتب وصيته التي قرأها أحد مشايخه خلال الصلاة عليه في مسجد بلدة بيتا منتصف الليلة الماضية، حيث أوصى بأن يتم تكفينه في ثياب الإحرام "لعل الله يغفر لي، وأن تجلسوا عند قبري، وأن أكون فارقت الحياة، وليس لأحد عندي حق، والتكفل بديني قبل دفني".
وتعرضت قرى جنوب نابلس (حوارة، بيتا، زعترة، بورين، عصيرة القبلية) لهجوم دامٍ شنه مئات المستوطنين، الأمر الذي أدى إلى استشهاد المواطن أقطش، وإصابة أكثر من 100 آخرين، بينهم 4 بجروح، إضافة إلى نحو 300 اعتداء، وأبرزها حرق عشرات السيارات والمنشأت، تحت سمع وبصر جنود الاحتلال.