بعد 40 عامًا على مجزرة "صبرا وشاتيلا".. وثائق سرية تكشف الحقيقة

"نُفذت بأمر من أرئيل شارون"

كشفت صحيفة /يديعوت أحرنوت/ العبرية عن "تفاصيل سرية جديدة" في وثائق متعلقة بارتكاب مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا، في لبنان، منتصف أيلول/ سبتمبر عام 1982، والتي راح ضحيتها مئات الفلسطينيين.

وأوردت الصحيفة، في تقرير نُشر مساء الجمعة، أن "مسؤولين عسكريين وأمنيين إسرائيليين وقادة من حزب الكتائب اللبناني، عقدوا اجتماعًا في أعقاب ارتكاب مجزرتي صبرا وشاتيلا، لتنسيق رواية ينأون بأنفسهم من خلالها، عن ارتكابهم للمجزرة، بتضليل الرأي العام العالمي".

وذكرت أن "عناصر الموساد والجيش الإسرائيلي، قبل شهر من هذا الاجتماع، عملوا على نقل أعضاء برلمان لبنانيين، تحت تهديد السلاح، كي يصوتوا لصالح (زعيم الكتائب) بشير جميل، لانتخابه رئيسًا للبنان".

وعقد الاجتماع السري المذكور مع قادة الكتائب في بيروت، في 19 أيلول/ سبتمبر 1982، أي بعد يومين من مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين.

وقد شارك فيه كل من: رئيس أركان جيش الاحتلال في حينه، رفائيل إيتان (رفول)، وقائد المنطقة الشمالي في الجيش الإسرائيلي أمير دروري، ورئيس شعبة "تيفيل" في الموساد (المسؤولة عن العلاقات الخارجية)، مناحيم نيفوت، إضافة إلى حراس كثر رافقوهم، وفقًا لتقرير "يديعوت أحرونوت".

وأورد التقرير أن "عناصر الكتائب ارتكبوا المجزرة، انتقامًا لاغتيال زعيمهم ورئيس لبنان بشير جميل، على أيدي المخابرات السورية، قبل المجزرة بخمسة أيام"، الأمر الذي جعل "إيتان غاضبًا أثناء الاجتماع مع قيادة الكتائب، بسبب مشاهد مئات الجثث، التي حمّل العالم إسرائيل مسؤوليتها".

"لم يكن الهدف الأساسي من الاجتماع توبيخ قادة الكتائب، بسبب ارتكابهم المجزرة، فلم يكن إيتان، يهتم بالجانب الأخلاقي، إلا أن الهدف الرئيسي كان تقليص الأضرار وتنسيق الرواية التي ستُستعرض أمام العالم"، وفق الصحيفة العبرية.

أما "دروري"، فاقترح على الكتائب تبني رواية كاذبة "بأن يذكروا في وسائل الإعلام أحداث الدامور، أي المجزرة التي ارتكبتها قوات سورية ضد مسيحيين في لبنان"، وفق تقرير الصحيفة العبرية.

وأردف التقرير أن "جوزيف أبو خليل، وهو أحد قادة الكتائب، قال للإسرائيليين: إن ما تريدونه عمليًا هو أن نتحمل مسؤولية هذا الأمر، وهذا مستحيل في الوضع السياسي الحالي، وينبغي معالجة ذلك بصورة يومية، وبشكل ضبابي، ولا يمكننا الاعتراف بأن الكتائب ارتكبت ذلك، من خلال الاستمرار بالنفي".

ونوه التقرير إلى أن "وزير الجيش الإسرائيلي - في حينه - أريئيل شارون، خطط مع إيتان والكتائب لاحتلال بيروت بعملية عسكرية مشتركة، أطلق عليها تسمية الشرار".

وفي موازاة ذلك، تعهد شارون للحكومة والكنيست (برلمان الاحتلال) والرأي العام في "إسرائيل"، مرارًا، أن الجيش الإسرائيلي، لن يدخل إلى بيروت أبدًا، وقال: "لا أقترح أي هجوم أو أي تحرك إلى داخل بيروت".

وأضاف التقرير أن "التعليمات التي أصدرها شارون للجيش، خلال اجتماع في مكتبه في 11 تموز/ يوليو 1982، كانت معاكسة، وهي أنه ينبغي القضاء على القسم الجنوبي من بيروت الذي تتواجد فيه المخيمات الفلسطينية ومقاتلو منظمة التحرير"، على حد قوله.

ووفق الصحيفة، فقد "طالب نائب وزير الأمن الإسرائيلي، مردخاي تسيبوري، بعقد اجتماع للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، ودعوة قادة الجيش إليه".

ونقل التقرير عن عزريئيل نيفو، السكرتير العسكري لرئيس الحكومة الإسرائيلية مناحيم بيغن، قوله: "بعد طرح تسيبوري أسئلته على الضباط، كان شارون ينظر إليهم، وواضح أنه يتوقع منهم إجابة معينة، وبإمكانك أن ترى أن الضباط كانوا يذبلون تحت نظراته".

وأضاف التقرير أن "ضباطًا كبارًا رووا الحقيقة لنيفو، بشكل سري، والتقى أحد هؤلاء الضباط، برتبة لواء - وكان يلتقي مع شارون - مع نيفو سرًا في مكان بعيد عن مكتبيهما، من أجل أن يبلغ السكرتير العسكري بتقدم القوات الإسرائيلية في الأراضي اللبنانية إلى مناطق تتجاوز تلك التي صادقت عليها الحكومة".

وادعى شارون ومستشاروه أنه "لم يتم التعبير عن معارضة حقيقية للتعاون مع الكتائب"، بعد مجزرة صبرا وشاتيلا، وفقًا للتقرير.

وأورد التقرير أنه "في أعقاب مقتل جميل، حصل شارون على مصادقة بيغن على احتلال بيروت، لكن الحكومة الإسرائيلية تُبلَّغ بذلك بعد احتلال بيروت، وتقرر احتلال بيروت بعد أسبوع من إعلان إيتان أنه بقي في العاصمة اللبنانية عدد قليل من أفراد منظمة التحرير الفلسطينية".

وأضاف أن "شارون ادعى فجأة أن هناك الآلاف من أفراد المنظمة، وعلى إثر ذلك سمح للكتائب بالدخول إلى مخيمي اللاجئين من أجل تطهيرهما من آلاف المخربين"، ما يعني أن شارون أصدر الأمر لـ"الكتائب" بارتكاب المجزرة في "صبرا وشاتيلا".

وفي 16 أيلول/سبتمبر، وقعت مجزرة "صبرا وشاتيلا"، واستمرت حتى 18 من الشهر نفسه عام 1982 في لبنان، وقُدر عدد الضحايا بين 750 قتيل و3500 مفقود.

واتهم بارتكاب المجزرة مليشيات الكتائب المسيحية اللبنانية، وجيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي كان يسيطر سياسيًا وعسكريًا على تلك الميلشيات، وكان معظم الضحايا من المدنيين الفلسطينيين؛ جلّهم من الأطفال والنساء والشيوخ في مخيمي صبرا وشاتيلا.

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
بيانات تأييد الفصائل لـ"حماس".. ما دلالاتها السياسية والميدانية؟
يوليو 5, 2025
أجمعت فصائل فلسطينية بارزة على دعم موقف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في تعاطيها مع المقترحات الدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. فقد توالت بيانات التأييد من مختلف القوى الوطنية والإسلامية، لتؤكد أن موقف "حماس" لا يعكس اجتهادًا فرديًا، بل يستند إلى غطاء سياسي وشعبي واسع يرى في المقاومة الخيار الجامع لحماية الحقوق الوطنية والتصدي
مستوطنون يقتحمون البلدة القديمة في الخليل
يوليو 5, 2025
اقتحم عدد من المستوطنين تحت حماية جنود الاحتلال البلدة القديمة في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة. وكان مستوطنون قد أقدموا صباح اليوم السبت على إقامة بؤرة استيطانية فوق "جبل الجمجمة" في مدينة حلحول شمال الخليل والتي تعد القمة الأكثر ارتفاعا في الضفة المحتلة، حيث نصبوا غرفا متنقلة ورفعوا العلم "الإسرائيلي" فوقها. ويُعد "جبل الجمجمة"
"حماس": على العالم التحرك لوقف مجازر "الإبادة" في غزة
يوليو 5, 2025
قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن "المجازر اليومية المستمرة في كافة مناطق قطاع غزة، وارتقاء عشرات الشهداء جراء غارات جيش الاحتلال على الأحياء السكنية وخيام النازحين ومراكز الإيواء ونقاط انتظار المساعدات إمعان في حرب الإبادة التي ترتكبها حكومة الاحتلال". ودعت "حماس" في بيان تلقته "قدس برس"، مساء اليوم السبت الدول العربية والإسلامية، والأمم المتحدة ومؤسساتها،
بعد رد "حماس" الإيجابي على مبادرة الوسطاء.. ما هي السيناريوهات المطروحة أمام حكومة الاحتلال؟
يوليو 5, 2025
أجمع خبيران في الشأن الإسرائيلي على أن حكومة الاحتلال تتجه نحو إتمام صفقة تبادل مع المقاومة الفلسطينية، وذلك في أعقاب جلسة مجلس الوزراء الأمني المصغر (كابينيت)، المقررة مساء اليوم السبت، والتي ستناقش رد "حماس" الإيجابي على المقترح القطري المبني على مقترح "ويتكوف" المعدل، والذي سُلّم للوسطاء المصريين والقطريين. وقال المختص في الشأن الإسرائيلي، ذو الفقار
"حركة الأحرار" ترحب برد الفصائل الفلسطينية على مقترح وقف إطلاق النار وتطالب الوسطاء بتحمل مسؤولياتهم
يوليو 5, 2025
رحبت "حركة الأحرار الفلسطينية" برد المفاوض الفلسطيني على مقترح وقف إطلاق النار الذي قدمته حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، معتبرة أنه يعكس "وعياً وطنياً ومسؤولية عالية"، ويستند إلى الثوابت الوطنية والإرادة السيادية للشعب الفلسطيني. وأكدت الحركة في بيان صحفي صادر عن مكتبها الإعلامي، اليوم السبت، أن الرد الفلسطيني جاء مدروساً ويحمل في طياته "حنكة سياسية" تسعى
"فتح – الانتفاضة" تؤيد موقف "حماس" بشأن المبادرة الأمريكية لوقف العدوان على غزة
يوليو 5, 2025
أعلنت حركة "فتح – الانتفاضة" تأييدها الكامل لموقف حركة "حماس" بالموافقة على المبادرة الأمريكية الرامية إلى وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واعتبرت الخطوة "مسؤولة وهادفة إلى حماية الشعب الفلسطيني ووقف حرب الإبادة والتجويع المستمرة بحق أهالي القطاع". وأكدت الحركة، في بيان صحفي اليوم السبت، أن المبادرة تمثل "مدخلًا سياسيًا وإنسانيًا لوقف المجازر وتحقيق مكاسب