كيف أخفق الاحتلال في ترويج فشله في جنين كنصر؟
جنين (فلسطين) - قدس برس
|
يوليو 6, 2023 12:23 م
حاول الاحتلال بعد انتهاء عدوانه العسكري في جنين وانسحابه من مخيمها، الترويج لنصر عسكري على المقاومة، ليسوقه للمجتمع الإسرائيلي الممتلئ بالخلافات والتناقضات، إلا أنه عجز عن ذلك في ضوء العديد من المعطيات والحقائق التي نسفت محاولات الاحتفال وترويج النصر تلك.
وعد بعض الكتاب والمحللين ما جرى في جنين "هزيمة حقيقية للاحتلال وأجهزته الأمنية في ظل ما تعرض له الجنود من مقاومة باسلة، وفي ضوء اقتصار إنجازات الاحتلال على تدمير البنى التحتية واستهداف المدنيين وقلة الخسائر في صفوف المقاومين".
وأشار الكاتب والمحلل السياسي الدكتور عبد السلام معلا بأن هذه المعركة عبارة عن "حلقة في سلسلة من التدافع الممتد، ما يعني ضرورة النظر لمفاعيلها التراكمية، وتأثيراتها على اتجاهات القوة لدى طرفي الصراع".
ولفت معلا خلال حديث لـ "قدس برس" إلى أن ما حصل هي الحالة الأولى في ساحة الضفة الغربية تحديدا، التي تنتهي فيها المواجهة، دون أن يحقق فيها الاحتلال هدفه المعلن، مؤكدا بأن "الإخفاق هنا لا علاقة له بعامل القوة الذي يميل بشدة لصالح الاحتلال، بل له علاقة بالقيود والمحددات المستجدة التي باتت تؤثر في اختياراته وهو يواجه المقاومة في مخيم جنين".
ورأى بأن تخوف الاحتلال من الساحات الأخرى ودخولها على خط المواجهة أحد أسباب الفشل في جنين، وتابع "لقد شكل تحسب الاحتلال من دخول ساحة أخرى للمواجهة بقوة كساحة غزة مثلا، أو اشتعال المقاومة في أنحاء الضفة الغربية، قيدا على المدى الذي سيذهب به، وهو يستهدف مخيم جنين، وهو قيد لم ينهض أمام قادة الاحتلال في أثناء اجتياح المخيم عام 2002".
وعزا معلا أسباب الفشل كذلك إلى ظروف الاحتلال الداخلية مشيرا إلى أنه لا يمكن إغفال قيد الحسابات السياسية للإتلاف الإسرائيلي الحاكم، ومحاولة نتنياهو إرضاء بعض أطرافه وهو يهاجم المخيم، ما يعني غياب الدافع الأصيل وراء عملية كهذه، كما يعني أن إدماج الدم الفلسطيني ضمن لعبة التنافس بين الأحزاب السياسية الإسرائيلية لم يعد يمر دون أثمان.
ونبه إلى أن غياب الاستقراء الصحيح والتوقع المسبق لدى الاحتلال للكيفية التي ستتصرف بها المقاومة في المخيم في أثناء احتدام المواجهة، شكل عاملا مهما في إفشال مساعيه لإحكام الحصار حولها، وتصفيتها وتدمير مقدراتها.
وخسر الاحتلال -كما يرى معلا وفي ضوء ما تقدم ووفقا لما أسفرت عنه المعركة في مخيم جنين- "نقاطا عديدة في سياق الصراع الممتد مع شعبنا ومقاومته، وبات أقل قدرة على الحسم والإبقاء على حالة الردع قائمة، في المقابل، تعززت مكانة وقدرات المقاومة الفلسطينية - في الضفة الغربية تحديدا – في معادلة الصراع الملتهبة، الأمر الذي يؤهلها للعب أدوار أكثر فاعلية في ساحاته في المستقبل".
وأكد الكاتب والمتابع للإعلام الإسرائيلي عزام أبو العدس بأنه ومنذ اللحظة الأولى لهذه العملية العسكرية وهي "تحمل بذور فشلها في أحشائها هذه العملية التي أرادها نتنياهو حملة علاقات عامة تعيد ترميم صورة الردع الإسرائيلية.
ورأى أبو العدس كذلك بأن نتنياهو "أراد من الحملة أن تكون استجابة لضغوط شركائه في الحكم (بن غفير وسموتريتش) اللذين يريدان تنفيذ عملية عسكرية في الضفة إرضاء ليوسي داجان مسؤول المستوطنات في الضفة الغربية.
وأراد نتنياهو أيضا بحسب أبو العدس أن "يقدم صورة انتصار وهي إما أن يأسر قادة الكتيبة، أو يصفي العشرات من عناصرها، أو يتجول جنوده بحرية في مخيم جنين، لكن أيا من ذلك لم يحصل، على العكس كان هناك فشل استخباراتي متعدد المراحل من عدم المعرفة بوجود أنفاق إلى عدم معرفة كم العبوات الكبير الذي أصاب القوات المهاجمة بالشلل".
ولفت أبو العدس إلى أن نتنياهو لم ينجح في "إعادة بناء الردع الذي تحطم خلال العامين السابقين، ولم ينجح في إظهار صورة انتصار حاسم، ولم يستطع أن يقدم أي نصر مادي ملموس، وبدت قواته بائسة، وهي تعرض كميات من الملابس والأحذية العسكرية تم الاستيلاء عليها، ويضاف إلى ذلك تصريحات بعض الإعلاميين والكتاب الصهاينة الذين تحدثوا عن فشل هذه العملية، ووصفوها بالفشل الذريع".
ورأى الناشط الشبابي عبد الله شتات بأن الصورة الأخيرة التي سبقت اندحار الاحتلال عن مخيم جنين ومغادرته وإيقاع الخسائر بين صفوف جنود كافية كانت كافية لسحب أي محاولة للاحتفال بنصر مزعوم من طرفها.
وشدد شتات على أن مجرد محافظة المطاردين والمطلوبين على حياتهم وعدم وقوعهم شهداء أو أسرى وجرحى لهو عنصر نصر آخر للمقاومة وفشل ذريع للاحتلال.