كيف أخفق الاحتلال في ترويج فشله في جنين كنصر؟

حاول الاحتلال بعد انتهاء عدوانه العسكري في جنين وانسحابه من مخيمها، الترويج لنصر عسكري على المقاومة، ليسوقه للمجتمع الإسرائيلي الممتلئ بالخلافات والتناقضات، إلا أنه عجز عن ذلك في ضوء العديد من المعطيات والحقائق التي نسفت محاولات الاحتفال وترويج النصر تلك.
 
وعد بعض الكتاب والمحللين ما جرى في جنين "هزيمة حقيقية للاحتلال وأجهزته الأمنية في ظل ما تعرض له الجنود من مقاومة باسلة، وفي ضوء اقتصار إنجازات الاحتلال على تدمير البنى التحتية واستهداف المدنيين وقلة الخسائر في صفوف المقاومين".
 
وأشار الكاتب والمحلل السياسي الدكتور عبد السلام معلا بأن هذه المعركة عبارة عن "حلقة في سلسلة من التدافع الممتد، ما يعني ضرورة النظر لمفاعيلها التراكمية، وتأثيراتها على اتجاهات القوة لدى طرفي الصراع".
 
ولفت معلا خلال حديث لـ "قدس برس" إلى أن ما حصل هي الحالة الأولى في ساحة الضفة الغربية تحديدا، التي تنتهي فيها المواجهة، دون أن يحقق فيها الاحتلال هدفه المعلن، مؤكدا بأن "الإخفاق هنا لا علاقة له بعامل القوة الذي يميل بشدة لصالح الاحتلال، بل له علاقة بالقيود والمحددات المستجدة التي باتت تؤثر في اختياراته وهو يواجه المقاومة في مخيم جنين".
 
ورأى بأن تخوف الاحتلال من الساحات الأخرى ودخولها على خط المواجهة أحد أسباب الفشل في جنين، وتابع "لقد شكل تحسب الاحتلال من دخول ساحة أخرى للمواجهة بقوة كساحة غزة مثلا، أو اشتعال المقاومة في أنحاء الضفة الغربية، قيدا على المدى الذي سيذهب به، وهو يستهدف مخيم جنين، وهو قيد لم ينهض أمام قادة الاحتلال في أثناء اجتياح المخيم عام 2002".
 
وعزا معلا أسباب الفشل كذلك إلى ظروف الاحتلال الداخلية مشيرا إلى أنه لا يمكن إغفال قيد الحسابات السياسية للإتلاف الإسرائيلي الحاكم، ومحاولة نتنياهو إرضاء بعض أطرافه وهو يهاجم المخيم، ما يعني غياب الدافع الأصيل وراء عملية كهذه، كما يعني أن إدماج الدم الفلسطيني ضمن لعبة التنافس بين الأحزاب السياسية الإسرائيلية لم يعد يمر دون أثمان.
 
ونبه إلى أن غياب الاستقراء الصحيح والتوقع المسبق لدى الاحتلال للكيفية التي ستتصرف بها المقاومة في المخيم في أثناء احتدام المواجهة، شكل عاملا مهما في إفشال مساعيه لإحكام الحصار حولها، وتصفيتها وتدمير مقدراتها.
 
وخسر الاحتلال -كما يرى معلا وفي ضوء ما تقدم ووفقا لما أسفرت عنه المعركة في مخيم جنين- "نقاطا عديدة في سياق الصراع الممتد مع شعبنا ومقاومته، وبات أقل قدرة على الحسم والإبقاء على حالة الردع قائمة، في المقابل، تعززت مكانة وقدرات المقاومة الفلسطينية - في الضفة الغربية تحديدا – في معادلة الصراع الملتهبة، الأمر الذي يؤهلها للعب أدوار أكثر فاعلية في ساحاته في المستقبل".
 
وأكد الكاتب والمتابع للإعلام الإسرائيلي عزام أبو العدس بأنه ومنذ اللحظة الأولى لهذه العملية العسكرية وهي "تحمل بذور فشلها في أحشائها هذه العملية التي أرادها نتنياهو حملة علاقات عامة تعيد ترميم صورة الردع الإسرائيلية.
 
ورأى أبو العدس كذلك بأن نتنياهو "أراد من الحملة أن تكون استجابة لضغوط شركائه في الحكم (بن غفير وسموتريتش) اللذين يريدان تنفيذ عملية عسكرية في الضفة إرضاء ليوسي داجان مسؤول المستوطنات في الضفة الغربية.
 
 وأراد نتنياهو أيضا بحسب أبو العدس أن "يقدم صورة انتصار وهي إما أن يأسر قادة الكتيبة، أو يصفي العشرات من عناصرها، أو يتجول جنوده بحرية في مخيم جنين، لكن أيا من ذلك لم يحصل، على العكس كان هناك فشل استخباراتي متعدد المراحل من عدم المعرفة بوجود أنفاق إلى عدم معرفة كم العبوات الكبير الذي أصاب القوات المهاجمة بالشلل".
 
ولفت أبو العدس إلى أن نتنياهو لم ينجح في "إعادة بناء الردع الذي تحطم خلال العامين السابقين، ولم ينجح في إظهار صورة انتصار حاسم، ولم يستطع أن يقدم أي نصر مادي ملموس، وبدت قواته بائسة، وهي تعرض كميات من الملابس والأحذية العسكرية تم الاستيلاء عليها، ويضاف إلى ذلك تصريحات بعض الإعلاميين والكتاب الصهاينة الذين تحدثوا عن فشل هذه العملية، ووصفوها بالفشل الذريع".
 
ورأى الناشط الشبابي عبد الله شتات بأن الصورة الأخيرة التي سبقت اندحار الاحتلال عن مخيم جنين ومغادرته وإيقاع الخسائر بين صفوف جنود كافية كانت كافية لسحب أي محاولة للاحتفال بنصر مزعوم من طرفها.
 
وشدد شتات على أن مجرد محافظة المطاردين والمطلوبين على حياتهم وعدم وقوعهم شهداء أو أسرى وجرحى لهو عنصر نصر آخر للمقاومة وفشل ذريع للاحتلال.
 
 
 
وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
الإضراب الشامل يعم طولكرم حدادا على شهداء "القسام"
مايو 5, 2024
عم الإضراب الشامل، اليوم الأحد، مدينة طولكرم (شمال الضفة الغربية)، حدادا على شهداء كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، الذين ارتقوا في "دير الغصون"، أمس، بعدوان الاحتلال الإسرائيلي على البلدة. وشمل الإضراب الذي دعت اليه القوى الوطنية والاسلامية في المدينة، كافة مناحي الحياة في قرى وبلدات وضواحي ومخيمات طولكرم، حيث أغلقت المحال التجارية والمؤسسة العامة
الاحتلال يخطر بهدم خمسة مساكن شمال غرب أريحا
مايو 5, 2024
أخطرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، بهدم خمسة مساكن وحظيرة أغنام، في تجمع عرب المليحات، شمال غرب أريحا (شرق الضفة الغربية). وقال المشرف العام لمنظمة "البيدر" للدفاع عن حقوق البدو، حسن مليحات، في تصريح صحفي، إن قوات الاحتلال اقتحمت تجمع عرب المليحات، وأخطرت بهدم خمسة مساكن وحظيرة أغنام، تعود للاشقاء: صالح، وأكرم، وطالب، ومحمد سليمان
عائلات الأسرى لنتنياهو: التاريخ لن يغفر لك تفويت هذه الفرصة لإعادة المحتجزين
مايو 5, 2024
قالت عائلات الأسرى الإسرائيليين في رسالة لنتنياهو إن "التاريخ لن يغفر لك تفويت هذه الفرصة لإعادة المحتجزين". وخاطبت عائلات الأسرى نتنياهو وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية: "حان الوقت لتحمل المسؤولية وإظهار الشجاعة وتجاهل الضغط السياسي". في غضون ذلك دعت صحيفة /يديعوت أحرونوت/ العبرية إلى إنهاء القتال في غزة، والذهاب نحو صفقة تبادل، هو قرار استراتيجي يفتح
إعلام عبري يكشف "حيلة" نتنياهو لإفشال صفقة التبادل
مايو 5, 2024
ذكرت وسائل إعلام عبرية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يصدر بيانات ضد إبرام صفقة مع حركة "حماس" تحت "غطاء مسؤول دبلوماسي". ونقلت صحيفة /جيروزاليم بوست/، اليوم الأحد، عن صحفيين إسرائيليين، قولهم إنهم "قرروا فضح نتنياهو ولعبته الرامية إلى عرقلة صفقة تبادل الأسرى". وبحسب الصحيفة، فإن "تصريح نتنياهو تحت غطاء مسؤول مجهول لا يمثل وجهة نظر
مستشار الأمن القومي الأمريكي: لا اتفاق مع السعودية دون التطبيع مع إسرائيل
مايو 5, 2024
قال مستشار الأمن القومي الأميركي في البيت الأبيض جيك سوليفان، إن إدارة الرئيس جو بايدن لن توقع أي اتفاق دفاعي مع السعودية إذا لم تتوصل الرياض وتل أبيب إلى اتفاق التطبيع بينهما، مؤكدا: "لا يمكن فصل قطعة عن باقي القطع الأخرى". واستبعد في مقابلة السبت مع صحيفة "فاينانشال تايمز"، صحة الأنباء التي راجت أخيراً عن
مئات الطلبة يتظاهرون تضامنا مع غزة في جامعة "لوزان" في سويسرا
مايو 5, 2024
شارك مئات الطلبة في مظاهرة مؤيدة لغزة في جامعة "لوزان" بسويسرا اليوم السبت. وقالت وسائل إعلام سويسرية، إن المتظاهرين كانوا يؤيدون مجموعة من الطلبة الذين اعتصموا أمام مدخل مبنى الجامعة منذ يوم الخميس. ويدعو الطلاب إلى المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل ووقف إطلاق نار فوري في قطاع غزة. وركزت إدارة الجامعة حتى الآن على الحوار مع الطلبة