محللون: المقاومة في الضفة الغربية تتصاعد والحاضنة الشعبية تزداد
شكل انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من مخيم جنين، شمال الضفة الغربية، تحت رصاص المقاومين وانفجار عبواتهم الناسفة، نصرا جديدا للنموذج الذي شكلته المقاومة بمختلف الفصائل ودعم واضح من الحاضنة الشعبية.
صمود كان باعثا لمزيد من التصدي والتحدي لدى المقاومة الفلسطينية، كان بارزا خلال الساعات الماضية والتي سجلت أكثر من 140 عملا مقاوما في الضفة الغربية والقدس المحتلة، حسب تقرير لمركز المعلومات الفلسطيني "معطي" (حقوقي مستقل).
وقال رئيس العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي، إن "هذه الحالة المقاومة الفلسطينية مستمرة ومتواصلة، وحتى لو لم تكن كنموذج جنين ولكنها موجودة بأشكال مختلفة وبدأت بشكل فعلي قبل 8 أعوام".
وأضاف الشوبكي في حديث خاص لـ"قدس برس"، أن "الشكل المقاوم مرن في كل منطقة من مناطق الضفة الغربية، وكل منطقة لها خصوصية مناسبة لها، فبعض المناطق تعتمد على العمليات الفردية، والبعض الآخر شكل بؤرا نضالية تتصدى للاحتلال وتقف أمامه في كل اقتحام".
ويرى، أن "الحالة المقاومة حتى تصل لنموذج جنين تحتاج أن تنخرط تنظيمات فلسطينية كبيرة بكل ثقلها الشعبي في هذا النموذج، ولكن بسبب الحالة الأمنية المعقدة في الضفة، ومحاولات اجتثات "حركة حماس"، وإبعاد "حركة فتح" عن مسارها التاريخي، يصبح هذا الأمر صعبا".
وأصبح واضحا، بحسب الشوبكي، أن "الحاضنة الشعبية في الضفة الغربية تتجه بشكل أكبر نحو خيار مواجهة الاحتلال، ومن بين الأسباب غياب برنامج سياسي واضح، وفشل جميع المبادرات والاتفاقيات السابقة، ومواصلة الاحتلال في جرائمه وتمدده الاستيطاني".
ويعتقد، أن "الاحتلال يرى بوضوح أن أحد أسباب صمود نموذج جنين، هي الحاضنة الشعبية لذلك حاول استهدافها بشكل مباشر ورأينا كيف استهدف جميع مناحي الحياة في المخيم ومحيطه، من موارد وبنية تحتية، في محاولة منه لثني هذه الحاضنة ودفعها للوقوف ضد الحالة المقاومة".
ويطالب الشوبكي، "بقاسم مشترك يجمع كل فصائل العمل الوطني والإسلامي للوصول لحالة نضالية تصمد على المدى الطويل، ويمكنها تمكين الحاضنة الشعبية وحمايتها ومنع الاحتلال من التغول عليها ومعاقبتها".
بدوره، يقول الكاتب والباحث محمد صبحة، إن "المقاومة الفلسطينية في الضفة أظهرت تطورا في الأشهر الأخيرة بشكل لافت، كما ونوعا، دفاعا وهجوما، أداءا وعتادا، وجنين إحدى المناطق التي ظهر التطور فيها بشكل واضح".
وأضاف صبحة لـ"قدس برس"، أن التطور شمل "اليقظة والتنبؤ بحركة الاحتلال الإسرائيلي والتكتيكات الميدانية التي ظهرت خلال المعركة والتي اعترف الاحتلال ببعضها مثل تفخيخ النوافذ والأبواب والكمائن وغيرها، بالإضافة إلى التطور في صناعة العبوات وتوزيعها".
ويعتبر صبحة، أن الشارع الفلسطيني "أظهر تفاعلا ايجابيا مع الحدث، بدءا من أهالي المخيم ومدينة جنين الذين لم يتأففوا ولم نشاهد أو نسمع من يندد بالمقاومة أو يدعو إلى الاستسلام أو ينادي برمي السلاح، بل أظهروا جميع أشكال الالتفاف والدعم والاسناد".
وتابع صبحة، "أما على صعيد الشارع الفلسطيني فقد جابت مسيرات التضامن شوارع مدن وقرى ومخيمات فلسطين من الضفة إلى غزة إلى الداخل المحتل، وعمت المواجهات والاشتباكات أرجاء واسعة من الضفة رغم أن البعض يرى أنها كانت دون المطلوب".
وختم صبحة حديثه، بأن "معركة جنين ستشكل نقطة إلهام للشباب الفلسطيني بشكل عام، وللمقاومين على وجه الخصوص، "بل لعلها تكون بداية طموح لمن يفكر منهم بتحرير جزء من الضفة كما هو الحال في غزة".
وقد نشطت في الآونة الأخيرة، العمليات الفدائية في الضفة الغربية، ردا على هجمات المستوطنين، وعلى العدوان الإسرائيلي على المدن الفلسطينية، والذي كان آخره استهداف مخيم جنين، ما أسفر عن استشهاد 12 فلسطينيا وحرج العشرات.