من مخيم "اليرموك" إلى "عين الحلوة" لماذا تُستهدف عواصم الشتات؟

لم تبرأ بعد، جراح مخيم "اليرموك" للاجئين الفلسطينيين، في العاصمة السورية دمشق، ولم يعد أهله إليه، بل تناثرت خيامهم في أبعد نقطة ممكنة داخل البلاد، بينما ركب الكثير منهم قوارب الموت؛ إلى ما هو أبعد وأبعد عن حدود فلسطين.

وفي ظل هذا المشهد، تُقلب صفحة جديدة من مآسي الشعب الفلسطيني في الشتات، وهذه المرة في مخيم "عين الحلوة" جنوبي لبنان، وتنصب خيام لأهله قبالة البحر، وكأنها تبدو مراكز مؤقتة قبل الإبحار للمجهول من جديد.
 
المفارقة أن كلا المخيمين كانا يتنافسان على لقب "عاصمة الشتات"، وبعد ضياع أول عاصمة، هل سيفقد "فلسطينيو الشتات" عاصمتهم الثانية؟.
 
يعتقد الكاتب الفلسطيني نزار السهلي أن المخيمات الفلسطينية؛ لم تكن بعيدة عن دائرة الاستهداف المباشر، والتضييق والحصار، موضحا في حديثه لـ"قدس برس" أن هذه المخيمات، تاريخياً، شكلت في رمزيتها وواقعها "خزان الثورة" إن كان في سوريا أو لبنان، ومن قبل في الأردن.
 
وأشار إلى المخيمات، هي تجمعات اللاجئين في مخيمات الضفة وغزة، احتضنت الكثير من الكوادر المقاتلة، وقدمت في صفوف الثورة قادة ومقاومين؛ ينتسبون إلى هذه لمخيمات.
 
وأضاف السهلي، أن بعض هذه المخيمات، كان هدفا للتدمير المباشر والحصار، وبالتالي المراقبة الدقيقة من قبل الاحتلال؛ وبعض الأنظمة التي ساهمت سياساتها في العقد الأخير؛ لإكمال مشروع الاستهداف.
 
ولفت إلى ما تعرض له مخيم "اليرموك"، إبان اندلاع الثورة السورية (2011)، من تدمير ممنهج وتهجير وقتل؛ استهدف نشطاء وكوادر سياسية وإغاثية وميدانية، وصولاً لما شهدناه من تعفيش وتحطيم لممتلكات اللاجئين، ولقتل أي أمل بعودة الحالة الرمزية والاجتماعية والسياسية للمخيم، في صدور اللاجئين الفلسطينيين، و"هذا ما تحقق مع كل أسف".
 
وأردف قائلا: في سيناريو مخيم "عين الحلوة" الذي يستكمل سلسلة من إجراءات وسياسات مشابهة لما تعرضت له هذه المخيمات في العقود الأربعة الماضية، بتحويل رمزية وجود المخيمات إلى جزر أمنية معزولة، مع سياسة اقتصادية واجتماعية وأمنية بائسة.
 
وأكد أن المخيمات الفلسطينية، طبق عليها سياسة العقاب التاريخي بمفعول رجعي عن وجود الثورة في لبنان، مع القائمة الطويلة للمنع من العمل، والبناء وتقديم خدمات البنية التحتية لهذه المخيمات.
 
وتساءل السهلي لمصلحة من يجري هذا الاستهداف؟ مجيبا، إذا راقبنا ردود الفعل الفلسطينية الرسمية لما جرى في مخيم "اليرموك"، من نزع الغطاء السياسي والأخلاقي؛ عن ما تعرض له أبناء فلسطين في المخيمات، من قتل وتهجير وتشتيت، بتستر رسمي فلسطيني؛ بذرائع النظام السوري الأمنية، وبرفع ساتر الشعارات التي كانت دوما تحمي الجريمة؛ التي تتعرض لها المخيمات.
 
وشدد على أن الاحتلال هو المستفيد الأول والأخير، بغض النظر عن الأدوات المنفذة لسياسة تحطيم وجود اللاجئين، ونزع الغطاء السياسي والوطني عن قضاياهم المعاشة.
 
وحذر السهلي من تداعيات مؤلمة ستضاف للألم الكبير، الذي عايشه أبناء مخيم "اليرموك"، بفقدانهم لهذه الأرضية، وكما هو حاصل في لبنان من تفريغ لجوهر القضية، والمشكلة المتعلقة بوجود المخيمات دون غطاء سياسي وأمني ومعيشي وتنموي، وللقضاء على هذه الظاهرة المسماة "عاصمة شتات" اللاجئين.
 
واعتبر أن من صمت عن ما حدث لعاصمة الشتات في "اليرموك"، لن يتحرك لما حصل ويحصل في "عين الحلوة"، للوصول للنتيجة نفسها التي تحققت في "اليرموك".
 
بدوره أكد الباحث الفلسطيني إبراهيم العلي في حديثه لـ"قدس برس" أن المستفيد الوحيد؛ مما يجري في مخيم "عين الحلوة" هو "العدو الصهيوني، الساعي إلى إضعاف وكسر مجتمعات اللاجئين الفلسطينيين، الذين يشكلون حجر عثرة أمام المشروع التصفوي لقضية اللاجئين".
 
وأشار إلى أن الاقتتال المتكرر داخل المخيم، تسبب بتدمير البنية الاقتصادية والاجتماعية، التي تعاني الهشاشة أصلاً، نتيجة التضييق الممارس تجاه اللاجئين، والحرمان من الحقوق الأساسية، كحق العمل في عشرات المهن، وحق التملك، والتسبب في نزيف وهجرة الشباب الفلسطيني من المخيم.
 
وأكد العلي، أن استهداف المخيمات الفلسطينية "لما تشكله من ثقل للمقاومة، ليست سياسة جديدة للعدو الصهيوني عبر تاريخه الإجرامي، والمسؤول على نحو مباشر عن تدمير المخيمات، كمخيم "جسر الباشا" و"النبطية" وغيرها، نظراً للدور المهم الذي تقوم في رفد المقاومة بالكوادر من المستويات كافة.
وتجددت المواجهات في "عين الحلوة"، بعد وقف هش لإطلاق النار، كانت قد اندلعت في نهاية شهر تموز/ يوليو 2023، إثر قيام عنصر من الأمن الوطني الفلسطيني في المخيم، بقتل عنصر من جماعة إسلامية تُدعى "الشباب المسلم" على خلفية قضية اغتيال قديمة حدثت في شهر آذار/ مارس 2023.
وتجاوز من قضوا في الاشتباكات 11 قتيلا وعشرات الجرحى.
 
وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
تظاهرات في مدن وعواصم عدة تنديدا بمجازر الاحتلال في قطاع غزة
أبريل 27, 2024
 شهدت مدن وعواصم عدة، اليوم السبت، تظاهرات حاشدة تنديدا بمجازر الاحتلال المتواصلة لليوم الـ204 على قطاع غزة. وشارك الآلاف في تظاهرات نظمت في عواصم ومدن عالمية وعربية، دعما للشعب الفلسطيني، وللمطالبة بوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. ورفع المشاركون في التظاهرات الأعلام الفلسطينية، واللافتات المنددة بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان
"الشبيبة الفتحاوية" تثمن الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية وتدعوا كواردها إلى التصعيد في أماكن تواجدهم
أبريل 27, 2024
ثمنت حركة "الشبيبة الفتحاوية" (الذراع الطلابي لحركة فتح أكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية) الحراك الطلابي، في الجامعات الأميركية المساند والداعم للقضية الفلسطينية، مشيدة بالأكاديميين الأميركيين "الذين انتصروا لقيم الحرية والعدالة والمساواة، ضد الظلم والعنصرية والاحتلال".   وقالت "الشبيبة الفتحاوية" في بيان لها اليوم السبت، إن هؤلاء "لبوا نداء الإنسانية تضامنا مع الشعب الفلسطيني في غزة
لبنان.."حزب الله" يستقبل قيادة "تحالف القوى الفلسطينية"
أبريل 27, 2024
استقبل مسؤول العلاقات الفلسطينية في "حزب الله"، حسن حب الله، اليوم السبت، قيادة "تحالف القوى الفلسطينية" في لبنان، وهو تحالف يضم طيفا واسعا من الفصائل والتيارات الفلسطينية. ووفقا لبيان صدر عن "حزب الله" فقد جرى البحث في "آخر التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، لاسيما معركة طوفان الأقصى... والتصدي الأسطوري في مواجهة الكيان الصهيوني وشركائه دولة الاستكبار
مئات الآلاف من البريطانيين يشاركون في المسيرة الـ 13 للتضامن مع غزة
أبريل 27, 2024
شارك مئات الآلاف من البريطانيين، في التظاهرة الوطنية الـ 13 للتضامن مع غزة، اليوم السبت، وهي التظاهرة التي دعا لها "التحالف الوطني للتضامن مع فلسطين"، الذي يضم "المنتدى الفلسطيني" في بريطانيا، و"حملة التضامن مع فلسطين"، وتحالف "أوقفوا الحرب" و "أوقفوا التسليح النووي"، و"منظمة أصدقاء الأقصى"، و"الرابطة الإسلامية" في بريطانيا.   وركزت تظاهرة اليوم، وسط لندن،
توماس فريدمان: على "إسرائيل" أن تختار بين رفح أو الرياض
أبريل 27, 2024
قال الكاتب والخبير الأمريكي توماس فريدمان، إن "إسرائيل" تواجه تحديا عسكريا ودبلوماسيا كبيرا، يتعلق بقرارها الهجوم على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، معتبراً أن قرارها هذا سيحدد مستقبل علاقتها مع السعودية.   وشدد فريدمان، في مقال مطوّل نشرته صحيفة /نيويورك تايمز/ الأمريكية، اليوم السبت، على أن قرار تل أبيب اقتحام مدينة رفح "لن يؤدي إلا
فيدان: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تجاوز حدودة وبات مواجهة بين ظالمين ومظلومين
أبريل 27, 2024
قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تجاوز حدوده وبات مواجهة عالمية بين ظالمين ومظلومين". جاء ذلك في تصريحات أدلى بها، فيدان، خلال مؤتمر صحفي مشترك في إسطنبول، مع وزير الخارجية النيوزيلندي وينستون بيترز. الوزير التركي أضاف أن أنقرة تواصل العمل مع "الأصدقاء والحلفاء الحاليين" ومع المجتمع الدولي، على مختلف الأصعدة من