تقرير: "سبسطية" الأثرية في مهب التهويد الاستيطاني
اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي ومئات المستوطنين، اليوم الأحد، بلدة "سبسطية" شمال غرب نابلس، شمالي الضفة، بحجة الاحتفال بالأعياد اليهودية.
ويأتي الاقتحام ضمن المشروع التهويدي للمواقع الأثرية، والذي اعلنت عنه مؤخرا الحكومة الإسرائيلية، بقيمة تصل إلى أكثر من 34 مليون شيكل (نحو 10 ملايين دولار)، بناءً على مقترح من وزير حماية البيئة الإسرائيلي "عيديت سيلمان" ووزير السياحة "عميخاي إيلياهو"، بزعم "أن السلطة الفلسطينية تحاول الاستيلاء على الموقع الأثري -حديقة سبسطية- بشكل غير قانوني".
ويؤكد رئيس بلدية سبسطية محمد عازم، لـ"قدس برس" أن خطط الاحتلال لتهويد البلدة باتت معلنة، ومطبقة على الأرض، في ظل ضعف بل انعدام الاهتمام الرسمي الفلسطيني بما يجري هناك.
وكانت قوات الاحتلال اقتحمت البلدة في ساعة مبكرة من صباح اليوم، وضربت طوقا مشددا على المنطقة الأثرية ومنعت الفلسطينيين من الوصول إليها، وضيقت على تحركات المواطنين القاطنين هناك، فيما اعتلى القناصة أسطح البنايات المطلة على المكان، لتأمين الحماية للمستوطنين المحتفلين بالأعياد اليهودية.
ولاحقا وصلت حافلات تقل عشرات المستوطنين، الذين باشروا على الفور بنصب الخيام في أكثر من موقع من المنطقة الأثرية، وحتى في الساحة الرئيسية المصنفة "ب" وفق اتفاق أوسلو، في محاولة لفرض أمر واقع على الأرض بإقامة نواة للمستوطنين في تلك المنطقة، مستغلين فترة الأعياد اليهودية بهدف تهويد المنطقة عبر رصد عشرات ملايين الشواقل.
ويقر عازم أن "سبسطية" تتعرض لحرب وجودية في مواجهة مخططات حكومات الاحتلال، وخاصة الحكومة الحالية التي يسيطر عليها المستوطنون، للحفاظ على عشرات المواقع الأثرية في البلدة، والتي تروي تاريخ حضارات وثقافات ممتدة على أكثر من 3 آلاف عام.
ويشير إلى أن المخطط التهويدي يتضمن شق شارع التفافي داخل المنطقة الأثرية ليخدم الحركة الاستيطانية فقط، ووضع شباك وسياج وكاميرات حماية وبرج عسكري داخل المنطقة الأثرية، بالإضافة للتنقيب عن قبور "أجدادهم"، وفق زعمهم.
ويبرر الاحتلال مشروعه بأنه يقع في المنطقة المصنفة (ج) وفقًا لاتفاقيات "أوسلو"، الخاضعة لسيطرته الكاملة، "لكنه على حدود مناطق (ب) ولا يمكن الوصول للمنطقة (ج) بدون المرور عبر منطقة (ب) والتي تضم ساحة البيدر التي أعادت بلدية سبسطية تأهيلها، وأصبحت منتجعاً سياحياً كبيراً ومتنفساً لكافة الزوار"، وفق عازم.
القضاء على السياحة
ويلفت عازم إلى أن الاحتلال شرع سابقا بمخطط لتفريغ المنطقة من أي وجود فلسطيني، حيث تمت إزالة المباني القائمة في المنطقة (ج)، ومراقبة أي بناء جديد، من خلال عمليات المسح التي تقوم بها طائرات الاستطلاع بشكل يومي، وكذلك الاقتحامات المتكررة لضباط الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال للمنطقة ومراقبة أية تطورات على الأرض.
وعن تبعات المشروع، يؤكد عازم أنه حال تنفيذه سيوجه ضربة قاضية لسبسطية على كافة الصعد، ويقول: "سيقضي الاحتلال بذلك على قطاع السياحة في البلدة، وستقتصر على السياحة الاستيطانية، كما سيؤثر على الوضع الاقتصادي لأن هناك عشرات العائلات في سبسطية تعيش من وراء السيّاح، وكذلك على الصعيد الأمني، نظراً لكون الاحتلال سيبقى متواجدا على الدوام لحماية المستوطنين".
وتعد "سبسطية" من أبرز المواقع التي يسعى الاحتلال السيطرة عليها، والتي تعد عاصمة الرومان في فلسطين، وتتميز بموقعها الجغرافي الذي يربط ثلاث محافظات في شمال الضفة الغربية ببعضها، وهي نابلس وطولكرم وجنين، كما أنها تقع على طريق "الحج" المسيحي من القدس وبيت لحم وبئر يعقوب والناصرة.