"أيقونة الانتفاضة الثانية".. 22 عامًا على استشهاد محمد الدرة

لا يزال مشهد اختباء الشهيد الطفل محمد الدرة (12 عامًا) خلف والده، محتميًا من رصاص الاحتلال الإسرائيلي، حاضرًا في أذهان العرب عمومًا، والفلسطينيين خصوصًا، رغم مرور 22 عامًا على تلك اللحظات.

وشهد العالم أجمع جريمة إعدام جنود الاحتلال للطفل الدرة، على الهواء المباشرة، عام 2000، فيما لم يكف الاحتلال؛ رغم ذلك، عن مواصلة جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وخاصة الأطفال منهم.

وكان آخر الأطفال الذين قتلهم جنود الاحتلال هو الشهيد الطفل ريان سليمان (7 سنوات)، الذي استشهد في 29 أيلول/سبتمبر من العام الجاري، إثر "توقف قلبه" خلال ملاحقتهم له في بيت لحم (جنوب الضفة)، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.

محمد الدرة.. أيقونة الانتفاضة

ولد محمد الدرة في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1988، لأسرة بسيطة لاجئة في غزة، تعود أصولها لمدينة الرملة في الداخل الفلسطيني المحتل عام 48، إذ يعمل والده "جمال" نجارًا، ووالدته ربة منزل.

عندما كان محمد في الصف الخامس الابتدائي، خرج ووالده جمال، صباح 30 أيلول/سبتمبر من العام 2000، من منزله في مخيم البريج بقطاع غزة، إلى سوق السيارات بمدينة غزة، لاختيار سيارة جديدة للعائلة.

قبل ذلك بيومين، وتحديدًا في 28 من الشهر، شهدت الأراضي الفلسطينية اندلاع الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى)، إثر اقتحام زعيم حزب الليكود المتطرف - آنذاك - أرئيل شارون، باحة المسجد الأقصى المبارك، برفقة نحو ثلاثة آلاف من حراسه وعناصر الشرطة الإسرائيلية.

في طريق عودتهما من السوق، الذي لم يجدا فيه ما يصبوان إليه، وجد جمال الدرة وطفله محمد نفسيهما محاصرين ومستهدفين بنيران جنود الاحتلال الإسرائيلي، في "شارع صلاح الدين"، وسط غزة.

تمكن الوالد من الاختباء خلف برميل أسمنتي، حاميًا خلفه صغيره محمد، وسط زخات الرصاص التي كان يطلقها جنود الاحتلال.

صرخ الوالد على الجنود كثيرًا لوقف إطلاق النار، قائلاً إن معه صغيره، والرصاص يحيط بهم من كل مكان، إلا أن صرخاته لم تجدْ صدى، ولم تجدِ نفعًا.

"مات الولد.."

طال رصاص الاحتلال كل شيء يحيط بمحمد ووالده، حتى وصل إلى جسديهما، واخترقت إحدى تلك الرصاصات بطن الطفل محمد، ليصرخ والده في مشهد بُث على الهواء مباشرة: "مات الولد.. مات الولد".

استشهد محمد، وأصيب والده بجراح، في مشهد وثق بالتصوير لمدة 63 ثانية، بعدسة مصور قناة "فرانس2" - آنذاك -، طلال أبو رحمة.

يقول أبو رحمة: "صورت 27 دقيقة من الأحداث، وتركزت حوالي 64 ثانية من اللقطات على جمال الدرة وابنه محمد، وتم تحرير الشريط للبث لتصل مدته إلى 59 ثانية تعرض مشهد الدرة".

وأضاف، في تصريحات صحفية سابقة: "ظل محمد ينزف لمدة 17 دقيقة على الأقل، قبل أن تصل سيارة الإسعاف وتحمله"، رغم عدم رفع أي تسجيل مصور لهذا المشهد، وفق أبو رحمة.

ووصف ضابط الإسعاف، علي خليل، مشهد استشهاد الدرة قائلًا: "كانت كمية الرصاص التي أطلقها جيش الاحتلال كبيرة جدًا، ولم تفلح محاولات الوصول إلى محمد ووالده".

وتابع: "رغم التحذيرات بخطورة المجازفة، بقينا أنا وزميلي الشهيد بسام البلبيسي داخل سيارة الإسعاف، نحاول البحث عن طريق آخر".

وأردف: "فجأة؛ وضع بسام يده على قلبه وقال: (علي، أنا أصبت.. أسعفني)، ثم أرخى رأسه إلى الخلف وهو ينزف، وارتقى شهيدًا".

حاولت سلطات الاحتلال التنصل من جريمة قتل الدرة، إلا أن قائد العمليات في جيش الاحتلال، جيورا عيلاد، صرح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر 2000، معترفًا بأن الطلقات التي أصابت الدرة "جاءت -على ما يبدو- من الجنود الإسرائيليين".

تصدرت قصة محمد الدرة الصحف والمواقع العالمية بعد توثيق الحادثة، لكنها لم تكن الأخيرة، فوفقًا للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال؛ فقد استشهد 94 طفلًا في العام ذاته، واستشهد 98 طفلًا في العام الذي تلاه.

وفي عام 2002 استشهد 192 طفلًا، و130 شهيدًا في 2003، و162 شهيدًا في عام 2004، ومنذ عام 2000 إلى اليوم استشهد 2194 طفلًا غالبيتهم من قطاع غزة، ولا يزال يتواصل استهداف جيش الاحتلال لأطفال فلسطين.

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد استشهد 3712 فلسطينيًا وأصيب عشرات الآلاف منذ مطلع عام 2000 وحتى نهاية 2004، في حين بلغ مجموع الشهداء 10577 منذ بداية عام 2000 حتى نهاية 2018.

كما شهدت فترة الانتفاضة إصابة نحو 50 ألف فلسطينًا، بينما قُتل 1100 مستوطن، بينهم 300 جندي، وجرح نحو 4500 آخرين.

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"أبناء فلسطين 48 – أبناء العودة": وقف إطلاق النار انتصار لتضحيات غزة
يوليو 5, 2025
أصدرت "الأمانة العامة لتكتل أبناء فلسطين 48 – أبناء العودة" بياناً رحبت فيه باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، معتبرةً إياه انتصاراً لتضحيات أهل غزة وصمودهم في وجه آلة الحرب "الإسرائيلية" وتتويجاً لجهاد ومقاومة الشعب الفلسطيني في القطاع. وأكد التكتل دعمه الكامل للموقف الذي أعلنت عنه حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" باسم فصائل المقاومة الفلسطينية،
مشاهد لإغارة "القسام" على تجمع لآليات الاحتلال بخان يونس
يوليو 5, 2025
عرضت كتائب "القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" مشاهد لإغارة مقاتليها على تجمع لآليات وجنود الاحتلال الإسرائيلي واستهداف دبابتين بطريقة "العمل الفدائي" في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة. وتضمنت المشاهد الإغارة على تجمع لجنود وآليات الاحتلال حيث قاموا باستهداف دبابتي (ميركافا) بعبوتي شواظ بطريقة "العمل الفدائي" واستهداف ناقلة جند بقذيفة (الياسين 105) والاشتباك مع قوة
بيانات تأييد الفصائل لـ"حماس".. ما دلالاتها السياسية والميدانية؟
يوليو 5, 2025
أجمعت فصائل فلسطينية بارزة على دعم موقف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في تعاطيها مع المقترحات الدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. فقد توالت بيانات التأييد من مختلف القوى الوطنية والإسلامية، لتؤكد أن موقف "حماس" لا يعكس اجتهادًا فرديًا، بل يستند إلى غطاء سياسي وشعبي واسع يرى في المقاومة الخيار الجامع لحماية الحقوق الوطنية والتصدي
مستوطنون يقتحمون البلدة القديمة في الخليل
يوليو 5, 2025
اقتحم عدد من المستوطنين تحت حماية جنود الاحتلال البلدة القديمة في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة. وكان مستوطنون قد أقدموا صباح اليوم السبت على إقامة بؤرة استيطانية فوق "جبل الجمجمة" في مدينة حلحول شمال الخليل والتي تعد القمة الأكثر ارتفاعا في الضفة المحتلة، حيث نصبوا غرفا متنقلة ورفعوا العلم "الإسرائيلي" فوقها. ويُعد "جبل الجمجمة"
"حماس": على العالم التحرك لوقف مجازر "الإبادة" في غزة
يوليو 5, 2025
قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن "المجازر اليومية المستمرة في كافة مناطق قطاع غزة، وارتقاء عشرات الشهداء جراء غارات جيش الاحتلال على الأحياء السكنية وخيام النازحين ومراكز الإيواء ونقاط انتظار المساعدات إمعان في حرب الإبادة التي ترتكبها حكومة الاحتلال". ودعت "حماس" في بيان تلقته "قدس برس"، مساء اليوم السبت الدول العربية والإسلامية، والأمم المتحدة ومؤسساتها،
بعد رد "حماس" الإيجابي على مبادرة الوسطاء.. ما هي السيناريوهات المطروحة أمام حكومة الاحتلال؟
يوليو 5, 2025
أجمع خبيران في الشأن الإسرائيلي على أن حكومة الاحتلال تتجه نحو إتمام صفقة تبادل مع المقاومة الفلسطينية، وذلك في أعقاب جلسة مجلس الوزراء الأمني المصغر (كابينيت)، المقررة مساء اليوم السبت، والتي ستناقش رد "حماس" الإيجابي على المقترح القطري المبني على مقترح "ويتكوف" المعدل، والذي سُلّم للوسطاء المصريين والقطريين. وقال المختص في الشأن الإسرائيلي، ذو الفقار