الاحتلال يصعد من اعتداءاته على الطواقم الطبية خلال عملياته العدوانية بالضفة
تتوالى الاعتداءات الإسرائيلية على الطواقم الطبية والاسعافية خلال قيامها بعملها بإنقاذ حياة الجرحى الفلسطينيين الذي يصابون خلال الاقتحامات التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة.
وكثيرا ما تتعمد قوات الاحتلال إيقاف مركبات الاسعاف خلال نقلها للمصابين، حيث يتم اجبار الفريق المسعف على النزول منها والتدقيق في بطاقاتهم الشخصية والاعتداء بالضرب عليهم واحتجازهم لساعات، دون إيلاء أي اهتمام للحالة الصحية الحرجة للمصابين معهم.
وغالبا ما تتسبب عملية عرقلة عمل سيارات الإسعاف بتفاقم الحالة الصحية للجرحى، خاصة الخطيرة منها، وبعضهم استشهد جراء هذا التأخير المقصود، كما يؤكد الدكتور اياد العقاد المدير الطبي للمستشفى الحكومي بمدينة طولكرم بالضفة الغربية.
وقال العقاد لـ"قدس برس"، اليوم الأربعاء، إن العدوان على المدينة ومخيماتها والذي بدأ مع انتصاف الليلة الماضية أسفر عن ارتقاء ستة شبان، إصابتان منهم كان بالامكان انقاذهما لولا منع الاحتلال لطواقم الاسعاف من الوصول لهما.
ويضيف "هذه جريمة حرب، لكن طالما بقي الاحتلال الإسرائيلي بعيدا عن العقاب والمسائلة، فهذا يعني مزيدا من تلك الانتهاكات".
ويذكر العقاد ما جرى مع الشاب فؤاد عماد عباهرة (36 عاما) والذي ارتقى قبل نحو عشرة أيام في مدينة جنين إثر منع الاحتلال سيارة الإسعاف من نقله إلى المستشفى لمدة نصف ساعة، بعد إصابته في الفخذ وتركه دون علاج حتى ارتقى.
إصابة عباهرة كانت في الشريان الرئيسي أعلى الفخذ، وفقد كميات كبيرة من الدماء، وكان يجب أن يصل المستشفى بأسرع وقت ممكن، لكن جنود الاحتلال أوقفوا سيارة الإسعاف وأجبروا المسعفين على النزول منها والتدقيق في هوياتهم والتحقيق معهم، ومن ثم التحقق من هوية المصاب، رغم أن المسعفين أعلموا الجنود بخطورة حالته، دون أي اهتمام من طرفهم، حيث فارق الحياة وهو في المركبة.
غير أن شهادة نقيب الاطباء في طولكرم رضوان بليبلة، كانت صادمة، حيث قال لوكالة "قدس برس" إن أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي أقدم عقب توقيفه لسيارة إسعاف تقل جريحا على طعنه برقبته بأداة حادة، في حين أن إصابات أخرى تم التعدي عليها بالضرب الشديد.
ويشير بليبلة إلى أن الاعتداءات بحق المستشفيات والمراكز الصحية والكوادر الطبية والإسعافية باتت ظاهرة تستحق التوقف عندها عند كل اقتحام لجيش الاحتلال لمدن الضفة الغربية، وبالأخص جنين وطولكرم.
ويتابع: "نحن لا تهمنا هوية المريض أو المصاب. بل نقوم بواجبنا الإنساني البحت، الذي يحتم علينا تقديم كل ما نستطيع لإنقاذ المريض، وهنا يؤدي عامل الوقت دورا بالغ الأهمية بإيصال من معنا إلى أقرب مستشفى أو مركز صحي، لكن الاحتلال الإسرائيلي بات يلاحق مركباتنا ويوقفها ويحتجز المسعفين ويعتدي عليهم ويعيق عملهم".
انتهاكات بالجملة
وفي وقت يعد فيه عمل تلك الطواقم خطيرا بشكل عام، لكن في ظل هذه الانتهاكات بات أخطر بكثير، والأمر يتجاوز احتجاز وتفتيش وتأخير مركبات الإسعاف إلى اعتقال بعض المسعفين، لكن ما لا يمكن تصوره هو تعرض طواقم ومركبات الإسعاف لإطلاق الرصاص عليها، ما يعني أن حياة كل من في المركبة باتت مهددا فعلا.
ويقول مدير الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني احمد جبريل ل"قدس برس" إنّ جنود الاحتلال يتبعون في بعض الأحيان أسلوبا يتمثل بفرض حصار على المستشفيات والمراكز الصحية خلال اقتحامه لمنطقة معينة، وبالتالي يمنعون أي أحد من الوصول إليها حتى لو كان مريضا عاديا، إلا بعد توقيفه والتحقيق الميداني معه، أما إذا كان مصابا بالرصاص فهذا يعني تأخيرا إضافيا وقد يصل إلى اعتقاله ونقله إلى سيارات تابعة لجيش الاحتلال، كما شاهدنا ذلك في أكثر من مرة.
ويقول: "المتعارف عليه أن الدقائق الأولى تعد ذهبية لإنقاذ حياة أي مصاب، خاصة إن كان وضعه خطيرا، خاصة إن رافق الإصابة نزيف، والتأخير إما أن ينجم عنه تدهور إضافي في حالته أو استشهاده".
ويفند جبريل الحجج التي يسوقها الاحتلال باستخدام المقاومين والمطلوبين لسيارات الإسعاف للهرب أو الاحتماء بالمستشفيات، ويؤكد أنّ "الاحتلال الإسرائيلي لا يلتفت مطلقا لكل الدعوات النداءات لوقف مثل هذه الاعتداءات على المستشفيات والكوادر الطبية والاسعاف، رغم تمتعها بحصانة كاملة، وكل ادعاءاته التي يسوقها لتبرير هذه الجرائم باطلة، وهي فقط تندرج في إطار التحريض على الشعب الفلسطيني وشرائحه المختلفة"، مدللا على كلامه بما يفعله الاحتلال في قطاع غزة من قصف -وعلى الهواء مباشرة- للمستشفيات وقتل واعتقال الأطباء والمسعفين والمرضى، دون أي رادع.