ضرب وتهديد وسرقة وتخريب.. نقلة نوعية في عنف المستوطنين بالضفة

شكل عام 2023 الذي طوى أمس الأحد أخر أيامه، نقلة نوعية في أعمال العنف والاجرام التي مارسها المستوطنون تجاه الفلسطينيّين في الضفة الغربية المحتلة، حتى أصبح ذلك جزءا لا يتجزأ من روتين الاحتلال في الضفة.

وأسفرت تلك الهجمات الدموية عن ارتقاء 20 شهيدا قتلهم المستوطنون منذ مطلع 2023 في الضفة، وهو رقم غير مسبوق، وينذر وفق مختصين بما هو أسوأ خلال العام الجديد، في حال لم يتم ردعهم والتدخل الجاد لوقف اعتداءاتهم المدعومة بشكل مطلق من جيش الاحتلال ومن حكومة اليمين المتطرف بقيادة "بنيامين نتنياهو"، ووزراء عدة في حكومته، على رأسهم وزيري المالية "سموترتيش"، والأمن الداخلي "ايتمار بن غفير".

ويقول المختص بشؤون الاستيطان عزمي حمدان لـ"قدس برس"، إنه "في الوقت الذي تستولي فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أراضي الفلسطينيين، يمارس المستوطنون الأمر ذاته عبر القوّة والعُنف اليوميّ، وظاهريّاً يبدو وكأنّ هناك مسارين منفصلين لا علاقة بينهما، لكنّه في الواقع مسار واحد، عُنف المستوطنين جزءٌ من سياسة حكوميّة، وقوّات الاحتلال تسمح به وتُتيح تنفيذه وتشارك فيه، ضمن استراتيجيّة نظام "الأبارتهايد" الإسرائيليّ السّاعي إلى توسيع واستكمال عمليّة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية".

وبلغ عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس 3 ملايين و200 ألف نسمة، نهاية عام 2022 بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فيما بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس 726 ألفا و427 مستوطنا، موزعين على 176 مستوطنة، و186 بؤرة استيطانية (نواة مستوطنة).

وأوضح حمدان أن "من صور العنف التي يوثقها المختصون ومراكز حقوق الإنسان اطلاق الرصاص بنية القتل، والضرب والرشق بالحجارة والتهديد وإحراق الحقول وإتلاف الأشجار والمزروعات، وسرقة الثمار واستهداف المنازل، وتخريب السيّارات وإغلاق الطرق".

كما يطرد مستوطنو المزارع الاستيطانيّة الرّعاة والمزارعين الفلسطينيّين من حقولهم ومن المراعي ويُبعدونهم عن مصادر المياه التي اعتادوا الاستفادة منها جيلا وراء جيل.

وأضاف أن "العام المنصرم شهد المئات من الاعتداءات العنيفة جداً من المستوطنين بمشاركة أعداد كبيرة منهم"، مستذكرا ما حدث في بلدة حوارة جنوب نابلس في شباط/فبراير الماضي، ما أسفر عن ارتقاء شهيد وحرق عشرات المنازل ومئات المحال التجارية والمركبات.

وتابع "ما جرى في بلدة (ترمسعيا) قرب رام الله في حزيران/يونيو أيضا، حيث كان عدد المستوطنين الذين شاركوا في هذين الاعتداءين بالمئات، كما سُجلت أحداث عنف كثيرة وكبيرة في الضفة الغربية بالشهرين الأولين من الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة".

وهجّر الاحتلال بأساليب مختلفة، أهمها "استخدام المستوطنين العنف، نحو 13 تجمعاً سكانياً بدوياً كبيراً وأخرى صغيرة منذ 7 أكتوبر الماضي"، بحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التي كشفت عن تهجير 1025 شخصا يشكلون 135 عائلة.

وتركز التهجير في منطقة شرقي رام الله ثم بادية القدس التي تفصل القدس عن أريحا والأغوار، كما شمل تجمعين غربي رام الله وآخرين في السموع وزنوتا بالخليل جنوبي الضفة الغربية، وثلاثة تجمعات في الأغوار قرب نابلس وطوباس.

وتعد منطقة شرقي رام الله ساحة مهمة لتنفيذ التهجير بسبب موقعها الاستراتيجي الذي يطل على الأغوار الفلسطينية، فجبال شرقي رام الله أو ما يسميها الأهالي شفا الغور هي امتداد للأراضي الطبيعية بين الأغوار والقرى والبلدات الفلسطينية، والاحتلال يسعى منذ سنوات إلى ضم الأغوار، وإطباق السيطرة عليها تنفيذاً لمشاريع استيطانية قديمة، ومنع وجود حدود فلسطينية - أردنية.

ويلفت حمدان إلى أن "هجمات واعتداءات المستوطنين لا تتوقف، خاصة في القرى المحاذية للتجمعات الاستيطانية، الأمر الذي يلحق أضرارا وخسائر كبيرة في ممتلكات المواطنين وفي الأرواح، ولا يتلقى الضحايا تعويضات من أية جهة حكومية فلسطينية مختصة، وبعضهم يحصل على مساعدات بسيطة لا تغطي إلا جزءاً بسيطاً من الخسائر التي تكبدوها".

وتأتي تلك المساعدات البسيطة من بعض المؤسسات الأجنبية، مثل مساعدتهم في تركيب حمايات لنوافذ المنازل وبناء الأسوار في محيطها.

توثيق حقوقي

أما منظمة "ييش دين - متطوعون لحقوق الإنسان" الإسرائيلية، فنشرت تقريرا وصل "قدس برس" نسخة عنه، قالت فيه إن "عام 2023 كان الأصعب من حيث مستوى عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وحجم الأحداث الخطيرة التي شهدها 2023 في هذا السياق".

وقالت المنظمة إن "عام 2023 سجل مستويات قياسية في عدد اعتداءات المستوطنين العنيفة في الضفة الغربية منذ بدأت المنظمة بتعقّب اعتداءات المستوطنين وتدوينها في عام 2006".

وأضافت أن "2023 شهد الأحداث الأكثر خطورة من جهة عدد المستوطنين الذين شاركوا فيها ونتائجها، حيث أدت إلى استشهاد عدد من الفلسطينيين على يد مستوطنين، بالإضافة إلى إحراق مئات المنازل والمركبات الفلسطينية".

وتتوافق هذه الأرقام مع معطيات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "الذي وثّق في عام 2023 أكثر من 1200 حادثة عنف من مستوطنين، والتي انتهت باستشهاد وإصابة فلسطينيين أو بإحداث أضرار في الأملاك".

وشككت المنظمة في معطيات نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية أخيرا، نقلا عن مسؤولين في شرطة الاحتلال تشير إلى "انخفاض عنف المستوطنين خلال العام 2023 مقارنة بالعام الذي سبقه 2022".

وذكرت المنظمة أنه "لا يمكن التسليم بهذه المعطيات والمصادر التي استندت عليه"ا، لافتة إلى أنه "من المحتمل أن تشير معطيات الشرطة إلى عدد التحقيقات التي فتحتها في أعقاب جرائم قومية يهودية وليس عدد اعتداءات المستوطنين التي جرت على أرض الواقع".

وعملياً لا تعني هذه المعطيات وجود انخفاض في عنف المستوطنين تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، ولكن تدل على الانخفاض في الشكاوى المقدّمة نتيجة تراجع ثقة الفلسطينيين بسلطات القانون الإسرائيلية، بحسب ما تراه المنظمة الحقوقية.

وأضافت المنظمة، أن "الامتناع عن تقديم شكاوى لدى شرطة الاحتلال هو أمر مفهوم في أعقاب السياسات المتواصلة من الشرطة الإسرائيلية، من تحقيقات غير جادة وإغلاق ملفات لجرائم أيديولوجية ارتكبها إسرائيليون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية".

ويشير التقرير إلى أن "3 بالمئة فقط من ملفات التحقيقات التي تُفتح في أعقاب مخالفات أيديولوجية يرتكبها إسرائيليون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية تؤدي إلى إدانة".

ويُضاف إلى ذلك أيضا، تعليمات وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، للشرطة، المتمثلة "بالامتناع عن تطبيق القانون فيما يتعلق بعنف المستوطنين في الضفة الغربية".

ويشير تقرير "ييش دين"، إلى أنه "منذ تشكيل حكومة إسرائيل السابعة والثلاثين في نهاية كانون الأول/ديسمبر 2022، فإن المزيد من الفلسطينيين يعربون عن عدم ثقتهم بسلطات القانون الإسرائيلية في الضفة الغربية".

وبين شهري كانون الثاني/يناير وأيلول/سبتمبر 2023، تنازل 57.5 بالمائة من المتضررين الفلسطينيين جراء اعتداءات على خلفية قومية، عن حقهم في التقدّم بشكاوى لدى شرطة الاحتلال ضد الإسرائيليين الذين ألحقوا الأذى بهم.

وللمقارنة فإنه في الفترة الموازية من سنة 2022 كانت النسبة 40 بالمئة ممن فضّلوا عدم التقدّم بشكوى، في حين أكدت المنظمة أن "عنف المستوطنين ناجم عن سياسات حكومة الاحتلال الإسرائيلي".

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
شركات الاتصالات تستأنف تشغيل مواقعها في رفح وشمال غزة
يناير 20, 2025
أعلن وزير الاتصالات والاقتصاد الرقمي في حكومة السلطة الفلسطينية عبد الرزاق النتشة، "بدء شركات الاتصالات بإعادة تشغيل مواقعها في محافظتي رفح وشمال غزة، ضمن جهود استعادة الخدمات الأساسية في المناطق المتضررة جراء الحرب". وأوضح النتشة في بيان صادر عن الوزارة، اليوم الاثنين، أن "الطواقم الفنية تعمل بشكل مكثف لإصلاح الأضرار وضمان استعادة خدمات الاتصالات والإنترنت
"حزب الله": نبارك للشعب الفلسطيني ومقاومته "الانتصار الكبير" بغزة
يناير 20, 2025
بارك "حزب الله" اللبناني للشعب الفلسطيني ومقاومته ولكل قوى المقاومة التي ساندت غزة، "الانتصار الكبير" الذي جاء تتويجًا للصمود ‏التاريخي على مدار أكثر من 15 شهرًا من بدء ملحمة "طوفان الأقصى". وقال في بيان تلقته "قدس برس"، مساء اليوم الإثنين، إن "هذا الانتصار التاريخي يؤكّد من جديد أنّ خيار المقاومة هو الوحيد القادر على ‏ردع
أسيرة محررة: قوات الاحتلال فتشتنا ونحن عاريات واستولت على ملابسنا
يناير 20, 2025
قالت الأسيرة الفلسطينية المحررة رولا حسنين، إن "قوات الاحتلال فتشتنا ونحن عاريات واستولت على ملابسنا". وأضافت في حديث مع قناة /الجزيرة/ الفضائية، اليوم الإثنين، أن "قوات الاحتلال نكلت بنا مرات عدة بينها الوقوف بجو بارد جدا ساعات، وأن إدارة سجون الاحتلال مارست سياسة التجويع بحق الأسيرات". وأشارت إلى أن "اليوم كان يمر علينا داخل سجون
إيران: وقف إطلاق النار في غزة انتصار للمقاومة الفلسطينية
يناير 20, 2025
أكدت إيران أن "اتفاق التبادل ووقف إطلاق النار في قطاع غزة انتصار للمقاومة الفلسطينية، وأن ما حدث في غزة (عار) الاحتلال الإسرائيلي". وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال اجتماع لإحياء "الذكرى 46 للثورة الإسلامية" اليوم الإثنين، إن "شعب فلسطين وقف ضد الكيان الصهيوني بقوة وكرامة وحقق هذا الإنجاز العظيم". وأضاف أن "المجزرة التي ارتكبها جيش
الدفاع المدني بغزة: ألفان و842 شهيدا تبخرت أجسادهم
يناير 20, 2025
قال المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل إن "عدد الشهداء الذين تبخرت أجسادهم ولم نجد لهم أثرا بسبب عدوان الاحتلال على غزة بلغ ألفين و842 شهيدا". وأكّد في مؤتمر صحفي عقده وسط مدينة غزة، اليوم الإثنين، أن "طواقم الدفاع المدني في أرجاء القطاع تواصل انتشال الجثث المتحللة لعشرات الشهداء، سواء الموجودة تحت
بوابات الاحتلال العسكرية تحول مدن الضفة وقراها إلى سجون 
يناير 20, 2025
في ليلة واحدة، نصبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أكثر من عشرين بوابة حديدية عسكرية على مداخل مدن الضفة الغربية وقراها، ضمن سياسة تشديد الحصار على الضفة وتقطيع أوصالها وتحويلها إلى مناطق معزولة، وتقييد حركة الفلسطينيين وفرض عقوبات جماعية عليهم.   ورأى مراقبون أن تلك الخطوة تمثل التطبيق الفعلي لضم الضفة الغربية، وتركيز العمل فيها في الفترة