دول الخليج وخلق جبهة إيرانية في الأحواز (مقال)

بقلم: عبدالعزيز محمد العنجري
رئيس مركز "ريكونسنس" للبحوث والدراسات
عضو نادي الصحافة الوطني، بواشنطن
علِمت مؤخرًا من قبل بعض الباحثين المختصين الأجانب عن فكرة يُسوّق لها وتلوح في الأفق، تشير إلى أن أفضل طريقة لمواجهة التهديد الإيراني قد لا تكمن في حرب مباشرة ضد إيران نفسها، ولا في مواجهة القوى التي تدعمها إيران بالوكالة، بل في خلق جبهة إيرانية داخل الأراضي الإيرانية. تقوم هذه الاستراتيجية على دعم الأحواز بشكل غير مباشر، وذلك لتُشغل إيران عن الشأن الخارجي وجعلها تركز أكثر على الشأن الداخلي.
إن الغوص في هذه الفكرة يُظهر مدى خطورتها وتعقيداتها. وإذا كانت الفكرة قائمة بالفعل، فربما تُعطي المقال بعدًا إضافي للنقاش. وإن كانت مجرد فرضية نظرية غير مطروحة للتطبيق، فلا ضير في استكشاف النظريات وفهم ديناميكياتها.
تبرز منطقة الأحواز، بتركيبتها السكانية المتنوعة وتاريخها المعقد، كعنصر مهم في هذا المشهد. لا شك في أن الدعم المحتمل للأحواز يمكن أن يشكل استراتيجية جديدة لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة. ومع ذلك، قد يؤدي هذا الدعم إلى ردة فعل قوية من إيران، مما ينذر بتأثيرات سلبية محتملة على دول الخليج.
هناك مخاطر كبيرة تتعلق بهذه الاستراتيجية، منها احتمال جذب انتباه جماعات متطرفة مثل طالبان، التي قد تجد في دعم الأحواز قضية عقائدية جذابة، مما يجعل الصراع أكثر تعقيدًا وخطورة.
بينما يشكل دعم إيران لجماعات موالية لها، تحد أمني مباشر لدول الخليج، فإن الديناميكيات المحيطة بدعم الأحواز تحتاج إلى تقييم دقيق. على الرغم من أن هذا الدعم يمكن أن يعمل كموازن للنفوذ الإيراني، إلا أن إسرائيل تبدو الدولة الوحيدة التي تفضل تصعيدًا عسكريًا بهذا المستوى، وهي المستفيد الأكبر منه والمتضرر بأقل نسبة محتملة، فبالنسبة لإسرائيل، قد يعني هذا التصعيد مكاسب استراتيجية غير مسبوقة تضعُف من خلالها دول الخليج، معقل الاستقرار الأخير في الشرق الأوسط مع تداعيات مباشرة محدودة على إسرائيل نفسها. وعليه، يجب تقييم فكرة دعم الأحواز بعناية فائقة لتجنب العنف بشكل غير مسبوق، فالوضع في الأحواز معقد، ويوجد تباين في الآراء والمشاعر تجاه دول الخليج، ينعكس على طيف الولاءات والقناعات التاريخي للمنطقة.
عند تقييم اقتراح دعم جبهة في الأحواز معارضة للنظام الإيراني، من المهم النظر إلى السوابق العسكرية الخليجية. فالتجارب السابقة، وخاصة في اليمن، تعكس تحديات كبيرة واجهتها دول الخليج. فالحملة العسكرية ضد الحوثيين، على سبيل المثال، لم تحقق النتائج المرجوة للقائمين عليها رغم الجهود الكبيرة. هذه المواجهات أسفرت عن خسائر بشرية ومادية جسيمة، بالإضافة إلى تأثيرات نفسية واجتماعية عميقة على كل من المدنيين والقوات المسلحة. هذه الخسائر تعزز الحاجة إلى تقييم دقيق للقدرات العسكرية والاستراتيجيات المتبعة، ويجب الأخذ بعين الاعتبار كل هذه العوامل قبل المضي قدمًا في أي خطة قد تزيد تعقيدات الوضع الإقليمي، وتساهم في تفاقم الأوضاع.
ومن الضروري أيضا النظر في التأثيرات المحتملة لدعم الأحواز على السنة في العراق. فقد يؤدي هذا الدعم إلى تفاقم التوترات الطائفية، وزيادة عدم الاستقرار في المنطقة.
ولا توجد مؤشرات حول القرار الكويتي في حال طُلِب منها دعم هذا المخطط، خصوصا أن دعم القرار سيؤدي إلى تدهور العلاقات مع إيران، المعروفة بردود فعلها الشرسة تجاه كلّ من يهدد نظامها حتى إن كانوا مواطنيها، فما بالك بالجيران، وهذا دون ريب سيؤثر سلبًا على الأمن والاقتصاد في الكويت، إن لم نقل سينسف الجهود الدبلوماسية الكويتية التي كانت تسير على شعرة، بكل ما للتعبير هذا من معنى.
يجب التعامل مع قضية دعم الأحواز بحذر شديد، وأي خطوة في هذا الاتجاه يجب أن تكون مدروسة جيدًا لتجنب تصعيد الأوضاع وضمان استقرار المنطقة. والكويت بوضعها الحالي وبجسدها الإداري المهلهل، وفي غياب كفاءات وطنية متمكنة، قد تكون الحلقة الأضعف والمتضرر الأكبر من شظايا هذا المخطط الجريء إن تم.
- انـتـهـى -