محللون: رد "حماس" أنصف الفلسطينيين وعمّق الشرخ الداخلي لدى الاحتلال
أكد محللون سياسيون، الأربعاء، أن رد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على الوسطاء، كان "احترافية بامتياز"، و"كل كلمة فيه لها وزنها وتأثيرها".
وقال المحللون في أحاديث منفصلة لـ"قدس برس"، إن "رد حماس قدّر التضحيات الجسام للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولم يغفل مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك على وجه الخصوص".
وأضافوا أن "الرد يدل على صلابة مواقف حماس وتمسكها بشروط المقاومة التي على رأسها وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع، قبل الشروع بأي مفاوضات تتعلق بوقف إطلاق النار أو تبادل الأسرى".
وقال الباحث في الشؤون السياسية والقانونية، نعمان توفيق العابد، إنه "يتضح من الرد أن الموقف الذي كان يطالب بوقف دائم للعدوان هو الذي رجح أخيرا، وهو يعكس تعاطيا أكثر مع الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها شعبنا في القطاع".
وأضاف العابد، أن "الرد يشمل وقفا للاعتداءات والعدوان في الضفه الغربية بما فيها مدينة القدس، على اعتبار وحدة الأرض والشعب والقضية، كون الورقة تضمنت عودة الأوضاع في المسجد الأقصى لما قبل 2002".
وأشار إلى أنه في "الوقت الذي وضعت حماس الأمور الإنسانية نصب أعينها، -وهي بالتأكيد نقطة مهمة جدا-، إلا أنها أغفلت الجوانب الرئيسية والسياسية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران 1967".
ورأى الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق من جانبه، في الرد "تكتيك سياسي محترف في الصياغة وأولوية النقاط ودقة تفصيلها والانفتاح على كل المقترحات وعدم استخدام كلمة -لا-".
وأشار إلى النقطة المتعلقة بالمسجد الأقصى المبارك، "فالزمن مسعف جدا لحماس في قضية منع دخول المستوطنين للأقصى، خاصة أن شهر رمضان بعد أسابيع والتوتر ليس من صالح إسرائيل".
وشدد القيق على أن "الرد يشكل صفعة لفكرة (اليوم التالي للحرب) التي اجتمعت عليها العديد من الدول وبعضها عربي، فكانت رؤية حماس الإعمار والانسحاب ووقف العدوان، على عكس ما كانت تحاول وزارات خارجية العرب والغرب إظهار المشهد على أنه إعادة رهائن وإدخال مساعدات وحكومة دون حماس وحكم عسكري".
ورأى أيضا، أن "التأخر في الرد يدل على أن حماس مسيطرة في الميدان وليست في حالة انهيار"، كما أنه "رسالة للوسيط بأنك تستطيع أن تعرض مبادرات متى شئت وبأي مقاس أردت، ولكن المقاومة ردها وتعقيبها وتفصيلها وإضافاتها لها توقيتها ومعاييرها".
واعتبر أن في ذلك رسالة إلى كل من يتوسط "أن لا يكون ضاغطا في الوساطة سواء بالترهيب أو التضليل أو الإعلام، فهذا لن يؤثر في طريقة وموعد رد المقاومة".
ولفت إلى أن "إدخال أطراف دولية للمعادلة هو استخدام غير مباشر للرباعية الدولية لصالح القضية الفلسطينية بالمستحدثات الجديدة على الساحة الدولية، كون روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة جزءا منها، وإدخال تركيا بالإضافة للوسيط التقليدي القطري والمصري له معانٍ تشير إلى أن طوفان الأقصى سياسي المضمون بامتياز، دولي الحل بوضوح".
وأوضح أن ذلك "]شير إلى انتهاء عهد الجولات والحلول الأمنية، وكذلك رسالة مباشرة برفض أحادية القطبية المسيطرة في العالم، وإحراج لإسرائيل إذا رفضت مشاركة هذه الأطراف".
وأضاف أن "الرد رسالة للوسطاء السابقين بأنهم لم يوقفوا انتهاكات الاحتلال بحق تفاهمات توسطوا فيها مثل ملف "شاليط" وإعادة اعتقال المحررين، وخروقات الاحتلال في الهدنة الإنسانية الأخيرة في غزة".
أما بالنسبة للشأن الداخلي الفلسطيني، فلم تتطرق إليه في هذا الرد، وهذا يدلل وفق القيق، على "عمق إدراك حماس وقناعتها بأن هذا شأن داخلي فلسطيني يجب أن يرتب بين الأطراف الفلسطينية، كما أن هناك قنوات مفتوحة مع الفصائل بهذا الخصوص، وهو رسالة دولية بأن اليوم التالي تقرره الأطراف الفلسطينية الداخلية وليس إملاءات خارجية".
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أميركية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 27 ألفا و708 شهداء، وإصابة 67 ألفا و147 شخصا، إلى جانب نزوح أكثر من 85 بالمئة (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب سلطات القطاع وهيئات ومنظمات أممية.