هنية شهيدا... على درب من سبقوه من القادة السياسيين والعسكريين لـ"حماس"
في مثل هذا اليوم قبل 23 عاما، اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أثنين من أبرز قادة حركة حماس في فلسطين، الشهيدان الشيخان جمال منصور وجمال اسليم، ومعهم 6 من كوادر الحركة بقصف المكتب الاعلامي لحماس في مدينة نابلس.
وسبق اغتيالهما ولحقه، أن قتلت قوات الاحتلال العشرات من قيادات حركة حماس السياسيين والعسكريين، فحماس منذ تأسيسها عام 1987، تعرضت لسلسلة طويلة وقاسية من الاغتيالات التي طاولت قيادات وازنة على مستوى الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، والخارج. واستخدم الاحتلال الإسرائيلي سلاح الاغتيالات كوسيلة لملاحقة القيادات الفلسطينية داخلياً وخارجياً، للفتك بالتنظيمات الفلسطينية، ضمن محاولات فاشلة لوقف المقاومة ضدّه، وهندسة الوضع الفلسطيني على مقاسه.
وفقدت حركة حماس مجموعة من أهم قادتها، من أبرزهم مؤسسها أحمد ياسين، ورفيقه عبد العزيز الرنتيسي، بالإضافة إلى جمال منصور، وجمال سليم، وصلاح شحادة، ويحيى عياش، حيث استُشهد هؤلاء على فترات متباعدة، لتأتي عملية الاغتيال اليوم لرئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية في طهران، لتؤكد اعتماد الاحتلال على هذا النهج في التخلص من تلك القيادات التي طالما أرقته، وضربت عقيدته في مقتل.
عقل وعياش
وتُعتبر عملية اغتيال عماد عقل، القيادي المؤسس في كتائب القسام، الذراع العسكرية للحركة، من أولى عمليات الاغتيال التي تعرضت لها الحركة، والتي وقعت في مدينة غزة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1993 بعد ملاحقة لسنوات. بعدها بثلاث سنوات، وفي 6 يناير/كانون الثاني 1996، اغتال الاحتلال يحيى عياش الملقب بـ"المهندس" والقيادي البارز في "القسام"، في عملية اغتيال جرت بعد تفخيخ هاتف نُقل إليه بواسطة أحد "العملاء" مع الاحتلال الإسرائيلي.
ومع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000، عادت الاغتيالات والاستهدافات بوتيرة متصاعدة في صفوف القيادات الفلسطينية، لا سيما حركة حماس التي فقدت سلسلة من قادتها السياسيين على مستوى الضفة وغزة. وأبرزهم يوسف السركجي وإبراهيم بني عودة ومحمود أبو هنود ونصر جرار، وآخرون.
أبو هنود وشحادة
لم يكن قد مضى عام على اندلاع الانتفاضة، حتى كان الاحتلال الإسرائيلي يشن حملة اغتيالات جديدة، وكان أبرزهم أبو هنود، بصفته قائد كتائب القسام في الضفة الغربية، في 23 نوفمبر 2001، حينما كان في سيارة في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة. وفي 22 يوليو/تموز 2002، اغتال الاحتلال الإسرائيلي القائد العام لكتائب القسام صلاح شحادة في منزله بحي الدرج شرقي مدينة غزة، بعد أن ألقت طائرة حربية قنبلة تزن أكثر من طن، ما تسبب في استشهاده ومجموعة كبيرة من أفراد عائلته.
الشيخ ياسين والرنتيسي
بعدها بسنة تقريباً، بدأت الاغتيالات تأخذ طابعاً مغايراً، حينما استهدف الاحتلال عدداً من القيادات السياسية؛ حيث كانت البداية باغتيال القيادي البارز وأحد مؤسسي الحركة، إسماعيل أبو شنب، عبر استهدافه بغارة جوية على سيارته التي كان يستقلها في 21 أغسطس/آب 2002. وفي 22 مارس/آذار 2004، اغتال الاحتلال الإسرائيلي القيادي التاريخي للحركة ومؤسسها الشيخ أحمد ياسين، بعد خروجه من صلاة الفجر بأحد مساجد حي الصبرة بمدينة غزة، حيث احتفت إسرائيل بالعملية بشكل كبير.
بعدها بنحو أسبوعين، كرر الاحتلال تجربة الاغتيال، لكن هذه المرة مع عبد العزيز الرنتيسي، الرجل الذي تولى قيادة الحركة خلفاً لياسين؛ حيث اغتاله الاحتلال في 17 إبريل/نيسان 2004 بعد غارة طاولت سيارته في مدينة غزة.
وشهدت حرب غزة الأولى عام 2008-2009، عمليات اغتيال طالت قيادات بارزة في حركة حماس، كان من بينهم الشهيد نزار ريان الذي استشهد مع عدد كبير من أفراد عائلته في قصف استهدفهم شمالي القطاع في 1 يناير/كانون الثاني 2009، ووزير الداخلية آنذاك سعيد صيام الذي استشهد في قصف استهدفه في أحد المنازل في 15 يناير 2009، حيث كان موجوداً متخفياً عن الأنظار قبل أن يتم الإغارة على المنزل.
المبحوح والجعبري
ولم تتوقف الاغتيالات عند مستوى الضفة وغزة، بل كانت هذه المرة في دولة الإمارات، وتحديداً في دبي، حينما اغتال عملاء الموساد الإسرائيلي القيادي البارز في كتائب القسام محمود المبحوح في 19 يناير 2010.
وبعد نحو عامين ونصف، وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، نجح الاحتلال في الوصول إلى الرجل الثاني في كتائب القسام أحمد الجعبري، واغتاله بغارة جوية استهدفته داخل سيارته وسط مدينة غزة، ما تسبب في اندلاع مواجهة قصفت على إثرها تل أبيب.
وخلال حرب عام 2014، نجح الاحتلال الإسرائيلي في اغتيال عضوي المجلس العسكري لكتائب القسام رائد العطار ومحمد أبو شمالة بعد استهدافهما في أحد المنازل الذي كانا يتحصنان به في مدينة رفح.
قيادات وازنة في طوفان الأقصى
وشهدت الحرب الحالية المتواصلة على القطاع اغتيال مجموعة من قيادات حركة حماس السياسيين والعسكريين، من أبرزهم أحمد بحر النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي والقيادي الكبير أسامة المزيني، وعضوا المكتب السياسي للحركة جودت أبو شمالة وزكريا أبو معمر، بالإضافة إلى اغتيال قائد لواء الوسطى في القسام أيمن نوفل وقائد لواء الشمال أحمد الغندور.
لكن الحدث الأبرز كان عملية الاغتيال التي شهدتها الضاحية الجنوبية في بيروت ونالت من الرجل الثاني في حماس الشيخ صالح العاروري.