19 عاما على استشهاد الرنتيسي…مجاهد ثائر وسياسي ماهر

يوافق اليوم السابع عشر من نيسان/أبريل، الذكرى التاسعة عشرة لاستشهاد "أسد فلسطين" عبد العزيز الرنتيسي، بصاروخ أطلقته طائرة حربية إسرائيلية على سيارته بمدينة غزة حيث ارتقى شهيدا واثنان من مرافقيه.
نشأة الرنتيسي
ولد عبد العزيز الرنتيسي في قرية يبنا قضاء الرملة في 23 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 1947، لجأت أسرته بعد حرب 1948 إلى قطاع غزة، كحال معظم العائلات الفلسطينية آنذاك، والتي هُجرت قسرًا تحت وقع المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني.
التحق الرنتيسي في السادسة من عمره بمدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، واضطر إلى العمل أيضا في مرحلة مبكرة من العمر ليساهم في إعالة أسرته التي كانت تمر بظروف صعبة.
عمل الرنتيسي طبيبا في مستشفى ناصر الحكومي عام 1976 بعد حصوله على درجة الماجستير في طب الأطفال من جامعة الأسكندرية، ثم محاضرا في الجامعة الإسلامية في غزة منذ افتتاحها عام 1978.
شغل الرنتيسي عدة مواقع في العمل العام منها عضوية الهيئة الإدارية في المجمّع الإسلامي، والجمعية الطبية العربية بقطاع غزة، والهلال الأحمر الفلسطيني.
رحلة المقاومة
مع تصاعد جرائم الاحتلال بحق شعبنا وأرضنا، انتفض الرنتيسي ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكان صوت الشعب الفلسطيني المقاوم خلال كفاحه وجهاده، وكانت له صولات وجولات في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
التحق الرنتيسي بصفوف جماعة الإخوان المسلمين في أثناء دراسته الماجستير في مصر، ثم بايع جماعة الإخوان المسلمين عام 1976، ثم ترأس جماعة الإخوان المسلمين في محافظة خانيونس.
وكان للرنتيسي عام 1987، شرف المشاركة في تأسيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بالتزامن مع تفجر انتفاضة عام 1987، وهو ما ساهم في دفع العمل الفلسطيني المقاوم.
التحق الرنتيسي بالعمل المقاوم ضد الاحتلال منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987، وبلغ مجموع ما قضاه في سجون الاحتلال سبع سنوات معظمها في العزل الانفرادي.
الاعتقال والإبعاد
وكان أول ما اعتقل الرنتيسي في عام 1983 قرابة شهر، حين رفض دفع الضرائب لسلطات الاحتلال، إلى أن أعادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقاله مرة أخرى عام 1988؛ بسبب نشاطاته المناهضة للاحتلال الإسرائيلي، وأفرجت عنه لاحقًا بعد اعتقاله مرة أخرى ولمدة عام كامل عام 1990.
أُبعد الرنتيسي في 17 ديسمبر/كانون الأول 1992، مع أربعمئة من نشطاء حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي وكوادرهما إلى جنوب لبنان، حيث برز ناطقًا رسميًا باسم المبعدين الذين رابطوا في مخيم العودة بمنطقة مرج الزهور؛ لإرغام الاحتلال الإسرائيلي على إعادتهم.
اعتقله الاحتلال فور عودته من مرج الزهور، وأصدرت محكمة إسرائيلية عسكرية حكما عليه بالسجن، حيث ظل محتجزا حتى أواسط عام 1997.
بعد أقل من عام من إفراج الاحتلال عنه، وفى إطار تكامل الأدوار بين الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، اعتقلته السلطة عام 1998، وبلغ مجموع ما قضاه في سجون السلطة 27 شهراً.
لم تمنعه الملاحقات والاعتقالات، من حرصه على الوحدة الوطنية وترسيخ قواعدها وحماية السلم الوطني الداخلي بين القوى الفلسطينية، ولعل ذلك يظهر جلياً من خلال مقولته "أول ما أفكر فيه ترسيخ قواعد الوحدة الوطنية في الشارع الفلسطيني".
وفى إطار تبني الاحتلال الإسرائيلي سياسة الاغتيال ضد رموز العمل الوطني الفلسطيني، تعرض الرنتيسي قبل استشهاده لمحاولة اغتيال في العاشر من حزيران/يونيو 2003 استشهد فيها مرافقه مصطفى صالح، إضافة إلى طفلة كانت مارة قرب مكان الاستهداف، فيما أصيب نجله أحمد بجروح خطيرة، سبقتها محاولة اغتيال عام 1992 أثناء الإبعاد في مرج الزهور.
وبعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين في غارة إسرائيلية استهدفته في الثاني والعشرين من آذار/مارس 2004، بايعت الحركة الدكتور الرنتيسي قائدًا لها في قطاع غزة، حتى ارتقى شهيدا بغارة إسرائيلية في السابع عشر من أبريل 2004.
وفاء القسام
"هذا هو حوارنا مع الصهاينة" قالها الرنتيسي حاملاً بيده بندقية الكلاشنكوف وملوحا بها للجماهير، في إشارة إلى المقاومة المسلحة للتحرير، في أول خطاب له بعد توليه قيادة حركة حماس، ليؤكد بذلك على برنامج المقاومة الذي انتهجته حماس لتحرير فلسطين، وطُهر بندقيتها، ويُلخص بذلك حكاية ثائر سعى نحو الحرية لشعبه والانعتاق من الاحتلال.
وبعد عشرة أعوام على استشهاد قائد "حماس" في قطاع غزة عبد العزيز الرنتيسي أوفت كتائب القسام بوعده وقصفت مدينة حيفا المحتلة بصواريخ محلية الصنع، كما أطلقت على الصاروخ الذي يصل مداه إلى 160 كيلو متر اسم "R160" تيمنا بالشهيد القائد عبد العزيز الرنتيسي