كيف تفاعلت أوروبا مع أحداث مخيم جنين؟
لم تكد مدرعات وجرافات الاحتلال تدخل مدينة جنين ومخيمها (شمالي الضفة الغربية)؛ حتى بدأ الشارع الأوروبي يشهد حركة منددة بالهجوم الوحشي على المدينة، بعد دعوات لهيئات ومؤسسات فلسطينية للأوروبيين للمشاركة في اعتصامات وتظاهرات للتضامن مع الفلسطينيين.
إلا أن التفاعل الأوروبي الرسمي لم يكن بالمستوى الذي عبر عنه الشارع، رغم بعض التصريحات التي جاءت متأخرة؛ خاصة مع بدء ظهور ملامح الفشل للجيش الإسرائيلي في اليوم الثاني للعدوان.
وأوضح الرئيس التنفيذي للمجلس الأوروبي الفلسطيني للعلاقات السياسية (مستقل في أوروبا) ماجد الزير، أن هناك ثلاث مستويات يمكن الحديث عنها، وهي المستوى السياسي؛ والمستوى الإعلامي؛ والمستوى الشعبي.
وقال إن المستوى السياسي في دول الاتحاد الأوروبي تأخر في التفاعل مع أحداث جنين، ولم يرق إلى مستوى الحدث؛ رغم ارتكاب الاحتلال لجرائم حرب؛ خلال اقتحامه لمخيم جنين، مستدركاً بأن بعض السياسيين كان لهم مواقف وتساؤلات عبر البرلمانات والسوشيال ميديا، تستنكر العدوان الإسرائيلي على المخيم.
وأشار الزير في حديثه لـ"قدس برس" إلى أن المؤسسات الفلسطينية والعربية والداعمة للحق الفلسطيني كان تفاعلها فوريا مع الأحداث، وشاهدنا العديد من المظاهرات والاعتصامات والوقفات في العواصم الأوروبية تضامنا مع جنين، كما حدث في برلين ولندن وبروكسل وفيينا، وشوارع فرنسا وميلانو، وكذلك في روتردام بهولندا، وفي كوبنهاغن وغيرها من المدن والعواصم.
وكشف عن إجراء تواصل مع برلمانيين ومؤسسات صنع القرار في أوروبا، كما حدث مع مكتب العلاقات السياسية في المجلس الأوروبي الفلسطيني، الذي طالب الأوروبيين بأن يتفاعلوا مع الأحداث رفضا لجرائم الاحتلال.
ولفت أن من العوامل التي تساعد على دفع الأوروبيين بأن يتفاعلوا مع الحدث رسميا هو تفاعل الشارع العربي والاسلامي، "الذي لم يظهر للأسف، ولم يرق إلى مستوى خطورة الموقف، وبالتالي لم يكن هناك نقاط ضاغطة على الأوروبيين".
وأوضح الزير، أن دور الإعلام، اقتصر على نقل الخبر دون إبداء رأي سياسي، و"يمكن القول أن الحدث كان حاضرا وموثقا في الإعلام الغربي؛ سواء في الاعلام الرسمي والصحف والسوشيال ميديا".
بدوره أكد رئيس منتدى "يوربال" زاهر البيراوي، أن الشارع الأوروبي والبريطاني، شهد تفاعلا كبيرا مع أحداث جنين، وخاصة أن الصورة كانت تصلهم أولاً بأول، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي ساهمت بشكل كبير بخروج الآلاف في لندن، للتضامن مع جنين، ورفض التماهي والانحياز الرسمي البريطاني المعروف مع سياسات الاحتلال.
وقال البيراوي لـ"قدس برس" رغم الانحياز الرسمي البريطاني مع الاحتلال؛ إلا أن بعض السياسيين البريطانيين عبروا عن تضامنهم مع جنين، حيث أكد زعيم حزب العمال البريطاني السابق، جيرمي كوربين، خلال مشاركته في إحدى المظاهرات، "أن ما يقوم به الجيش الإسرائيلي يرقى لجريمة حرب، وأن ممارسات دولة الاحتلال هي ممارسات دولة عنصرية".
من جانبه أوضح المتحدث باسم "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" (منظمة أهلية دولية) زياد العالول، أن الاحتلال الإسرائيلي حاول أن يصور ما يحدث في جنين، وكأنه يخوض حربا، فدفع بجيشه بكامل عتاده ووحداته للهجوم على مخيم صغير، لا تتعدى مساحته كيلو متر مربع.
ولفت في حديثه لـ"قدس برس" أن "فلسطينيي أوروبا" والمتضامنين معهم من العرب والأوروبيين، ومع تصاعد الأحداث، استطاعوا قيادة الآلاف في الشارع الأوروبي؛ في مظاهرات رافضة للعدوان الإسرائيلي، في معظم العواصم الأوروبية، بمشاركة ممثلين عن الأحزاب والنقابات.
وأوضح العالول أن المواقف الغربية كانت أكثر تطورا خلال أحداث جنين؛ سواء في مواقف مجلس حقوق الانسان، والأمم المتحدة وبعض الدول الأوروبية، حتى بريطانيا التي حاولت تأمين غطاء للاعتداءات الإسرائيلية، وتحدثت عن حق "إسرائيل" في الدفاع عن نفسها، "لم تتمكن في نفس التصريح؛ إلا أن تنتقد عمليات قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية".
وأضاف أن هذه الأصوات الدولية "ساعدت على أن ترجح الكفة لصالحنا، مما شكل عامل ضغط على الاحتلال وحلفائه"، مشيراً إلى "أن الأمريكيين أعطوه غطاء ليوم واحد، وقد فشل في تنفيذ مهمته، ووضع في موقف حرج، بعد اندحار كل هذه القوات المدججة والتي عادت بخفي حنين".
وكان جيش الاحتلال قد انسحب من مخيم جنين شمالي الضفة الغربية بشكل كامل مساء الثلاثاء الماضي، بعد عدوان استمر ليومين، أدى لاستشهاد 12 فلسطينيا، وإصابة العشرات، وتدمير للبنية التحتية في المخيم.