محللون: "عملية أرئيل" وجهت ضربة للاستيطان وأربكت منظومة الاحتلال الأمنية
أكد كتّاب ومحللون سياسيون أن "عملية أرئيل" الفدائية، التي وقعت الثلاثاء وأسفرت عن مقتل ثلاثة مستوطنين وإصابة ثلاثة آخرين، وجهت ضربة كبيرة للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.
واعتبر المحللون، في أحاديث منفصلة لـ"قدس برس"، أن "مستوطنة أرئيل" يراد لها أن تكوم بديلاً عن مدينة رام الله (وسط الضفة) التي تقام بالقرب منها، ما يعني أن العملية الفدائية في المستوطنة شكلت صفعة للاحتلال.
واستعرض الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عمر جعارة، أهمية مستوطنة أريئيل بالنسبة للإسرائيليين، سواء على الصعيد الديني، أو التاريخي، أو الإداري والسياسي.
وقال جعارة إن "مستوطنة أريئيل هي مقر القيادة العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، قبل وبعد اتفاق أوسلو (معاهدة السلام بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي)، كما أنها تضمّ جميع المؤسسات الرسمية للاحتلال".
وأضاف أن "المستوطنة هي عاصمة الاستيطان في الضفة، ويُعدها الإسرائيليون لتكون بديلاً عن رام الله، تمامًا مثل ما يعدّون مستوطنة كريات أربع، لتكون بديلاً عن الخليل (جنوب الضفة)".
وأشار إلى أن "أرئيل واحدة من الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة"، موضحًا أن "اسمها ورد في أسفار العهد القديم من التوراة".
وأكد الخبير في الشأن الإسرائيلي أن "الاستيطان هو من أكثر العوامل الضاغطة على الوجود المدني والاجتماعي الفلسطيني في الضفة"، مرجحًا أنه "في حال استمرار العمليات الفدائية على غرار عملية أرئيل، فإن الاحتلال سيُجبر على تفكيك الاستيطان في الضفة، مثلما فكك مستوطناته في قطاع غزة (الانسحاب عام 2005)".
وأردف أن "الاحتلال جن جنونه من هذه العملية الفدائية النوعية، حيث أطلق عليها الاعلام الإسرائيلي اسم (مسيرة الموت)"، على حد قوله.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي ناجي الظاظا، إن "عدد سكان مستوطنة أرئيل هو 20 ألف مستوطن، وقد باتوا اليوم أمام حقيقة أن المقاومة الفلسطينية لا تعرف الحدود ولا القيود، ويمكن أن تضرب في كل مكان وزمان".
وأضاف الظاظا أن "كل عملية فدائية ناجحة في الضفة الغربية تضيف إلى رصيد المقاومة مئات الشباب الفلسطيني الذي يزداد إيمانًا بجدوى العمل المقاوم".
واعتبر أن "التضحية هي سبيل الحرية والاستقلال، وأن لحظة التنفيذ لعمل مقاوم جديد هي أقرب مما يتوقعه الاحتلال واستخباراته".
وبيّن أن "منفذ العملية، الشهيد محمد صوف (19 عامًا)، أكد من خلال عمليته البطولية أن القرار الوطني هو رفض الاحتلال ومقاومته منذ عام 1948".
واستدرك الكاتب والمحلل السياسي قائلاً إن "الشهيد أثبت أن المقاومة لا تزال إرثًا وعهدًا، تلتزم به الأجيال الفلسطينية جيلاً بعد جيل"، مشددًا على "ضرورة التخلص من كل قيود أوسلو والتنسيق الأمني".
وأردف الظاظا أن "الشهيد محمد ولد بعد عملية السور الواقي (إعادة احتلال مدن الضفة الغربية) عام 2002، أي أنه ولد وعاش مع أبناء جيله على جرائم الاحتلال ومستوطنيه، ولم تر عيونهم سوى سراب السلام؛ ووهم الوعود بالرفاهية الاقتصادية في الضفة الغربية المحتلة".
بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الكومي، أن "عملية أرئيل أربكت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وفضحت نقاط ضعف الاحتلال".
ووصف الكومي العملية بأنها "استثنائية؛ وتعبر عن شجاعة فريدة للفلسطيني الذي كلما اشتدت مضايقته ارتقت فدائيته"، مؤكدًا أنها "تؤثر بشكل كبير على معنويات ونفسيات جنود الاحتلال مستوطنيه".
وقال إن "رئاسة أركان جيش الاحتلال ستعود لفتح تحقيق عسكري جديد، بعد يوم واحد على تسلّمها نتائج التحقيق في عملية حاجز شعفاط التي نفذها الشهيد عدي التميمي قبل شهر، وخلصت إلى فشل وإخفاقات في طبيعة القيادة".
واستشهد التميمي (22 عامًا)، في 19 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، برصاص الاحتلال الإسرائيلي، قرب مستوطنة ”معالي أدوميم“، شرقي مدينة القدس؛ إثر اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال المتمركزة عند مدخل المستوطنة.
وطوال 11 يومًا، فشلت أجهزة الأمن الإسرائيلية في تحديد مكان التميمي، منفذ ”عملية شعفاط“ في 7 من ذات الشهر، والتي أسفرت عن مقتل مجنّدة وإصابة آخرين، أحدهم بجراح حرجة.
وأضاف الكومي أن "هذا الإيقاع المماثل من العمليات الفدائية، يعني المزيد من لجان التحقيق في إخفاقات أصبحت سمة جيش الاحتلال، مقابل بطولة أصيلة لا تنتظر الأوامر، وجاهزة للتنفيذ".
يشار إلى أن مستوطنة أرئيل تملك مكانة خاصة لدى الاحتلال الإسرائيلي، كونها تقع بالقرب من رام الله، وفي وسط الضفة الغربية.
ويطلق المستوطنون على مستوطنة أرئيل لقب "العاصمة"، أي عاصمة الضفة، لما تمثله من مكانة سياسية، وارتباطها بإدارة العمل الاستيطاني في الضفة.
ويرتبط إنشاء المستوطنة عام 1978 باتفاقية "كامب - ديفيد" بين "إسرائيل" ومصر، وأقيمت على أراضي عدد من بلدات محافظة سلفيت، وهي: اسكاكا، مردة، كفل حارس، وسيطرت على مساحة 500 دونم حين بدأ تأسيسها، فيما بلغ عدد سكانها حتى عام 2017 حوالي 19 ألفًا و626 مستوطنًا.
يذكر أن مجلس الأمن الدولي تبنّى في 23 كانون الأول/ديسمبر 2016، قرارًا (رقم 2334) نص على أن المستوطنات الإسرائيلية تشكل "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي".