التباين الأمريكي الإسرائيلي حول "حل الدولتين"... خلاف حقيقي أم "مأزق استراتيجي"؟

بعد أقل من 24 ساعة من مكالمة هاتفية بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حول ضرورة قبول "إسرائيل" بحل الدولتين، غرد الأخير على موقع "إكس" مؤكدا أنه "لن أتنازل عن السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على كامل المنطقة الواقعة غرب نهر الأردن – وهذا أمر لا يمكن تنفيذه مع دولة فلسطينية".
 
وشكلت هذه التغريدة، إعلان رفض واضح للضغوط التي يحاول الرئيس الأمريكي ممارستها على حكومة الاحتلال، للموافقة على هذا المسار بعد انتهاء العدوان على غزة.
 
وبحسب ما أوضحه الرئيس الأمريكي، في مؤتمر صحفي عقده السبت في البيت الأبيض، فإنه اقترح على نتنياهو، حل الدولتين وطرح إمكانية قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح لا تهدد أمن إسرائيل.
 
ووصف وزير الدفاع البريطاني، جرانت شابس، تصريحات نتنياهو على منصة "إكس"، والتي أكد فيها رفضه "حل الدولتين" بأنها "مخيبة للآمال".
 
وقال شابس لشبكة "سكاي نيوز" الأمريكية، الأحد، "ليس هناك خيار آخر... لقد اتفق العالم كله على أن حل الدولتين هو أفضل طريق للمضي قدما".
 
هل هذا الجدل يشكل مأزقا حقيقيا؟
يؤكد المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز "ريكونسنس" للبحوث والدراسات (مستقل مقره الكويت)، عبد العزيز العنجري، على أن مواقف الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، تجاه فلسطين "متوازية، وتكاد تكون متطابقة".
 
مشيرا في حديث مع "قدس برس" إلى أن "الفرق الوحيد هو أن بايدن يتخذ منهجًا يأخذ في الاعتبار رأي الجمهور الأمريكي، لكن في الحقيقة، لا يوجد فرق جوهري بين الاثنين تجاه فلسطين" على حد تقديره.
 
وأضاف العنجري، وهو عضو نادي الصحافة الوطني في واشنطن العاصمة، أنه يمكن تفسير تصريحات بايدن حول "حل الدولتين" بأنها تهدف إلى "كسب تأييد الأقليات العربية والجيل الجديد في الولايات المتحدة، والذي يُظهر ميلاً غير مسبوق نحو دعم الحق الفلسطيني، خصوصًا في ظل الأوضاع السياسية الراهنة والمنافسة الانتخابية".
 
وأعرب عن اعتقاده بأن "هذه الوعود من الرئيس بايدن قد تُفسر كجزء من محاولة لتحسين صورته السياسية وتقديمه كشخصية عقلانية وعادلة، ولكن يظل التساؤل قائمًا حول مدى تطبيقه لسياسات ملموسة تدعم هذا الموقف".
 
وشدد العنجري على أن "نتنياهو لا يسعى حتى إلى مجاملة الرأي العام العالمي. في هذا السياق، يمكن القول بأن المصالح السياسية الخاصة تؤدي دورًا رئيسيًا في توجيه سياسات الإدارة الأمريكية وحكومة إسرائيل".
 
واعتبر أن "هناك بعض الانتقائية في ممارسات العدالة من قبل الرئيس بايدن، حيث يسعى للظهور كداعم لحقوق الإنسان، ولكنه يواجه انتقادات حول تعامله مع القضية الفلسطينية، هذا التناقض يسلط الضوء على التحديات التي تواجه السياسة الخارجية الأمريكية في هذا الإطار".
 
وشدد على أن "واشنطن تبدي دعمها العلني لفكرة حل الدولتين، لكن يبدو أن هناك ترددًا شديداً في إمكانية فرض ضغوط جادة على إسرائيل لتقبل هذا الحل".
وأعاد التأكيد على أن "السياسة الأمريكية تتأثر بشكل كبير بالاعتبارات الداخلية، ولا توجد أية مؤشرات واضحة على تغيير جذري في نهج السياسيين الأمريكين تجاه إسرائيل فيما يتعلق بحل الدولتين" وفق ما يرى.
 
خلاف حقيقي غير قابل للتطور
ورأى المدير التنفيذي لمنظمة "أمريكيون من أجل العدالة في فلسطين" (حقوقية مستقلة) أسامة أبو ارشيد، إن الجدل الذي طفا على السطح بقوة بين الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال حول الموقف من "حل الدولتين" حقيقياً، ويمثل مأزقا استراتيجيا.
 
وشدد في حديث مع "قدس برس" على أنه "خلاف حقيقي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مع أن واشنطن أقرب إلى تل أبيب في تصورها لماهية الدولة الفلسطينية التي ستقوم، لأنها قطعا ليست دولة ذات سيادة لها سيطرة كاملة على الحدود أو حتى القدس الشرقية، أو متصلة جغرافيا".
 
وقال إن الإدارات الأمريكية المتعاقبة تؤمن تماما أن "حل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، كما يسمونه، يجب أن ينتهي إلى دولتين يهودية وفلسطينية".
 
وأوضح أبو ارشيد، وهو باحث في "المركز العربي للأبحاث ودراسات سياسات واشنطن"، أن الإدارة الأمريكية الحالية، بقيادة جو بايدن، تجد نفسها مضطرة إلى "تهدئة الملفات المتوترة في الشرق الأوسط، لأن استراتيجيتها الآن قائمة على احتواء الصين واستنزاف روسيا" بحسب تقديره.
 
وتحدث عن سياسة الاحتواء التي كانت تسعى لها إدارة الرئيس الأمريكي بايدن، قبل أحداث 7 تشرين أول/أكتوبر الماضي "ومحاولة استدراج السعودية، بثقلها السياسي والروحي، إلى التطبيع، وإبقاء الطرف الفلسطيني وحيدا غير قادر على تحقيق أي مكتسبات في أي عملة تسوية قادمة".
 
ولم يستبعد أبو ارشيد "وقوف مصالح بايدن الانتخابية خلف تمسكه بحل الدولتين، ومحاولة تغيير صورة موقفه من حرب الإبادة في غزة، وحاجته إلى قاعدة انتخابية موحدة ومنسجمة" مشيرا إلى أن "الحسابات الاستراتيجية للولايات المتحدة وجو بايدن اختلطت بطريقة معقدة" على حد تقديره.
 
ورأى أن المأزق في حقيقته، يكمن في أن الدولة الفلسطينية التي يطرحها الجانب الأمريكي "على هزالتها، فإن حكومة الاحتلال بزعامة نتنياهو ترفضها، الأمر الذي يزيد المشهد الاستراتيجي تعقيدا… إنه خلاف حقيقي غير قابل للتطور".
 
وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
حماس تشيد بقرار كولومبيا قطع علاقاتها مع "إسرائيل"
مايو 2, 2024
أشادت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مساء الأربعاء، بموقف الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، الذي أعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل". وقالت "حماس" في بيان، تلقته "قدس برس": "نثمن عاليا موقف الرئيس بيترو الذي أعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني المحتل، على ضوء استمرار حرب الإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال النازي ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع
الآلاف يتظاهرون في نيويورك احتجاجا على قمع اعتصام جامعة "كولومبيا"
مايو 2, 2024
شارك أكثر من 20 ألف شخص، مساء الأربعاء، في تظاهرة حاشدة جابت شوارع مدينة نيويورك الأمريكية، وصولا إلى مبنى جامعة كولومبيا، احتجاجا على فض شرطة المدينة اعتصاما طلابيا داخل حرم الجامعة، للمطالبة بوقف عدوان الاحتلال على قطاع غزة بشكل فوري. ورفع المشاركون العلم الفلسطيني ورددوا شعارات منددة بقمع الشرطة للطلبة في عدد من الجامعات الأمريكية
عائلة نزار بنات: السلطة الفلسطينية مستمرة في "مسرحية" محاكمة القتلى
مايو 2, 2024
وصفت عائلة الشهيد نزار بنات، الجلسة التي عقدتها المحكمة العسكرية يوم الأحد الماضي، لمحاكمة قتلته من ضباط وعناصر الأمن الوقائي، بأنها "مسرحية تأتي ضمن سلسلة لعب الأدوار بين أجزاء ومكونات المحكمة". واستغرقت جلسة المحكمة دقائق معدودة، كان أبرز حيثياتها حضور "التشكيل العصابي"، وفق ما وصفته العائلة في بيان، تلقته "قدس برس"، مساء اليوم الأربعاء، أو
جامعات أميركا ترسم خطا جديدا في تاريخ القضية الفلسطينية
مايو 1, 2024
اعتقلت الشرطة الأميركية، نحو 1200 طالب جامعي في الولايات المتحدة، على خلفية مشاركتهم في اعتصامات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي وتطالب بوقف التعامل معه نتيجة حرب الإبادة التي يرتكبها الاحتلال ضد المدنيين في غزة. ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن هذه الحراكات بأنها "معادية للسامية"، وهو ما يعكس مدى التماهي ما بين أكثر الحكومات الاسرائيلية تطرفا، ورئيس وعد
الأمم المتحدة: كمية الأنقاض في غزة أكبر من أوكرانيا
مايو 1, 2024
أعلن مسؤول عمليات نزع الألغام في الأمم المتحدة، مونغو بيرتش، الأربعاء، أن كمية الأنقاض والركام التي يتوجب إزالتها في غزة أكبر مقارنة بأوكرانيا. وقال بيرتش: "لفهم مدى ضخامة الأمر، جبهة القتال في أوكرانيا تبلغ 600 ميلا (نحو 1000 كيلومتر) في حين أن غزة لا يزيد طولها على 25 ميلا (نحو 40 كيلومترا) وهي كلها جبهة
كولومبيا تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال الإسرائيلي
مايو 1, 2024
قرر الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو، قطع العلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال الإسرائيلي بسبب حرب الإبادة التي يشنها على قطاع غزة. وانتقد بترو رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشدة وطلب الانضمام إلى قضية جنوب إفريقيا التي تتهم الاحتلال بارتكاب إبادة جماعية في قضية رفعتها لدى محكمة العدل الدولية. وأكد في كلمة له أمام الجماهير بمناسبة عيد