أحمد دراغمة.. "مجدد" المقاومة في طوباس شهيدا
"نحن شبان أخلصنا نيتنا لله ووهبنا أرواحنا في سبيل الله ومشينا في هذه الطريق بجميع صعابه وسنبقى ثابتين ولن نتراجع خطوة للوراء.. أنا المطارد أحمد دراغمة".
هذا ما كان قد كتبه الشهيد أحمد جمال دراغمة، مؤسس "كتيبة طوباس"، على حسابه الشخصي عبر فيسبوك يوم 17 آب/ اغسطس 2023، عقب محاولات أجهزة السلطة الأمنية الفلسطينية اعتقاله.
واستشهد الشاب الفلسطيني "دراغمة" خلال اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي مدينة طوباس شمال الضفة الغربية، أمس الأول الثلاثاء، بعد ما أصيب بـ3 رصاصات في الصدر والرقبة والرأس.
ويقول أحد رفاق الشهيد، لـ"قدس برس"، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي طاردته (أحمد) لنحو عام ونصف، نجا خلالها من عمليتي اغتيال، قبل أن يرتقي شهيدا، فجر الثلاثاء، خلال اشتباك مسلح في طوباس، لافتا إلى أنه كان مطاردا من قبل "الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، التي أوصل لها عديد المرات رسائل أنهم ليسوا هدفا له ولمجموعته، لأن سلاحهم موجه فقط لجنود الاحتلال، لكنهم كانوا مصرين على ملاحقته واعتقاله، وحتى قتله"، وفق قوله.
وأضاف "أطلقوا النار (أجهزة السلطة) مرارا على مركبته، وقد نجا من الموت المحتم، ضاربين بعرض الحائط كل الدعوات لتجنيب البلد سفك الدماء".
ولفت رفيقه إلى أن أحمد "كان يرفض رفضا قاطعا الرد على نيران السلطة، ويحذر أفراد كتيبته من ذلك، حيث أكد لهم مرارا وتكرارا أن العدو الأول والوحيد هو الاحتلال".
وأسوة بغيره، "رفض دراغمة المساومات التي تقضي بتسليم نفسه وسلاحه للأجهزة الأمنية الفلسطينية مقابل وقف مطاردته من الاحتلال الإسرائيلي"، وفق ما أفاد رفيقه لـ"ٌقدس برس".
وكان الشهيد قد تعرض في 18-8-2022 لاعتقال لدى السلطة الفلسطينية، وفق لجنة "أهالي المعتقلين السياسيين" في الضفة الغربية.
وأظهر مقطع فيديو التقطته إحدى كاميرات المراقبة، دراغمة وهو يركض في شارع فرعي قبل أن يقع على الأرض، جراء اصابته برصاص الاحتلال، لتقترب منه آلية عسكرية إسرائيلية وتطلق عليه النار من مسافة قصيرة جدا، حيث أصيب في الصدر والرقبة والرأس، وبقي ينزف حتى فارق الحياة.
وفي العامين الأخيرين، شكّلت مدينة طوباس وريفها ومخيم الفارعة للاجئين الفلسطينيين الواقع إلى الجنوب منها، حالة مقاومة صلبة، مع بروز عدّة تشكيلات مسلّحة من مختلف الفصائل فيها -على غرار ما جرى في جنين وطولكرم نابلس وغيرهم-، نفذ عناصرها عمليات إطلاق نار استهدفت الحواجز المحيطة بالمحافظة، وخاضوا اشتباكات مسلّحة عنيفة في كل اقتحام للمدينة أو المخيم أو القرى المحيطة، وتوجيه ضربات مؤلمة لها.
وكان الشهيد ورفاقه يتمتعون بالسمعة الطيبة، ما أدى دورا كبيرا في الالتفاف الشعبي حولهم، وزاد من متانة الحاضنة المجتمعية التي أحاطت بهم.
وتعرض دراغمة للاعتقال في سجون الاحتلال عام 2021 ورغم أنه أمضى فترة قصيرة، إلا أنها كانت كافية لتترك أثرا بالغا في صقل شخصيته، واختلاطه بمناضلين عززوا فيه حب الوطن والتضحية من أجل دحر الاحتلال، وهذا ما ترجمه حرفيا مع انطلاق المجموعات المسلحة في شمال الضفة الغربية تحديدا، لترى "كتيبة طوباس" النور، حيث ضمت نخبة من الشبان ومعظمهم من الأسرى المحررين من سجون الاحتلال.
وتبلغ مساحة محافظة طوباس والأغوار 366 كيلومتر مربع، أي أنها أكبر من مساحة قطاع غزة، ونظرا لارتباطها الجغرافي بالأغوار الشمالية تحديدا، باتت محط أطماع المستوطنين، بدعم كامل من حكومات الاحتلال المتعاقبة، التي أقامت في محيطها عشر مستوطنات، فيما تنتشر فيها أيضا مراكز لجيش الاحتلال وساحات للتدريب والرماية.