قراءة في قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في غزة.. بين الربح الخسارة

على غير العادة، فضّل المندوب الأمريكي الامتناع عن التصويت في جلسة مجلس الأمن يوم أمس الإثنين، ليمر قرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة، دون عوائق.

الاحتلال ترجم صدمته بإلغاء نتنياهو زيارة وفد "إسرائيلي" لواشنطن، بينما أصدرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بيانا أكدت فيه على "تمسكها برؤيتها التي قدمتها يوم 14 من الشهر الجاري، والمتمثلة بوقف شامل لإطلاق النار والانسحاب من القطاع وعودة النازحين وتبادل حقيقي للأسرى".

وبين الموقفين يضع مراقبون القرار الأممي في ميزان المواجهة بين الاحتلال والمقاومة وتقدير مدى الربح والخسارة لكل منهما

ويرى الباحث في مركز "الزيتونة للدراسات والاستشارات" (مقره بيروت) وائل سعد، أن "المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي شكلت غطاء على نازية حكومة الاحتلال، لم تعد بمقدورها الوقوف أمام الحراك الشعبي في العالم الداعم للقضية الفلسطينية وخصوصا في الولايات المتحدة".
وأضاف في حديث مع "قدس برس"، على الرغم من أن "القرار لا يحمل أي صيغة الزامية لوقف الحرب كما أنه استخدم مصطلح مستدامة بدل دائم، إلا أن ذلك يأتي في سياق المصلحة العامة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو ما تطالب به المقاومة الفلسطينية".

وأشار إلى أن "حكومة الاحتلال الصهيونية المتطرفة، أظهرت رفضها القطعي لهذا القرار، بل كل التصريحات (الإسرائيلية) تظهر بأن صناع السياسة في الكيان الصهيوني يرون بأنهم فوق القانون الدولي".

واستبعد "قدرة المجتمع الدولي على إلزام الاحتلال بوقف عدوانه في ظل تواطؤ الولايات المتحدة وبعض الدولي الأوروبية.

ولفت سعد إلى أن "القرار وضع الكيان أمام خيارين إما الالتزام بتنفيذ القرار والخضوع للقانون الدولي وإما الكشف عن وجهه الحقيقي بأنه كيان فوق القانون الدولي وخارج عن سيطرة المجتمع الدولي أي أنه دولة مارقة".

وأضاف "أما المقاومة فترحيبها بهذا القرار وضعها في موضع الدبلوماسية السياسية الحكيمة وانفتاحها للوصول إلى صفقة تؤدي إلى إطلاق سراح الاسرى من كلا الطرفين".

وأكد أن "المقاومة باتت تعبر بشكل واضح عن تطلعات الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، ولذا لا يمكن تجاوزها في أي مشروع يسعى إلى تحديد مصير ومستقبل الشعب الفلسطيني".
من جهته اعتبر المحامي والخبير القانوني معتز المسلوخي أن "بيان حركة (حماس) الذي جاء بعد القرار الأممي وترحيبها بالقرار كان خيارا سليما من الناحية الاستراتيجية وينم عن وعي وفهم لطبيعة الموقف السياسي ويشكل مزيد من الضغط على حكومة الاحتلال، ويمهد لتحقيق الهدف الاستراتيجي لمعركة (طوفان الأقصى)".
وأضاف في حديثه لـ"قدس برس"، "تمكنت حركة حماس من قراءة الجوانب السياسية لقرار مجلس الأمن، ورسخت نفسها كعامل فلسطيني أصيل في ميدان السياسة العالمية بل في مجلس الأمن نفسه، ووجهت رسائل لدول المنطقة بأن بإمكانكها لعب دور سياسي حقيقي".

وأكد المسلوخي أن "المقاومة نجت حتى الآن في إدارة المعركة سياسيا وإعلاميا وخاصة معركة التفاوض والتي ترتبط بالمعركة العسكرية على الأرض، ورغم أن القرار جاء بالحد الأدنى المطلوب إلا أنه جاء ضد كل الأجندة الصهيونية، فهو لم يتضمن إدانة لما فعلته حماس في الـ7 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، رغم أنه كان أهم المطالب لأمريكيا والاحتلال، كما لم يتضمن ذكر (حماس) كحركة إرهابية ولم يتضمن إعتراف بحق (إسرائيل) في الدفاع عن نفسها وبالتالي نزع أي غطاء قانوني عن الاحتلال الذي يمارس الإبادة تحت هذا الحق المزعوم".

ولفت المسلوخي إلى أن "دولا غربية بدأت تتملل من السياسة (الإسرائيلية) وباتت تخشى من الملاحقات القضائية خاصة بعد الدعوى التي رفعتها نيكاراغوا ضد ألمانيا لمشاركتها في الإبادة الجماعية من خلال بعها الأسلحة للاحتلال،وكذلك قرار كندا وإيطاليا بمنع بيع الأسلحة للاحتلال".

وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى في جلسة أمس الإثنين قرارا بـ"وقف إطلاق النار" في غزة، خلال شهر رمضان المبارك.

واعترض مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة خلال كلمته على مصطلح "وقف إطلاق النار" حيث أنه خلا من كلمة "دائم"، وقال: "نطلب إجراء تعديل شفهي على مشروع القرار يتضمن إضافة عبارة وقف دائم"،لكن المجلس لم يتبن تغيير المصطلح.

وقدم مشروع القرار الأعضاء المنتخبون في مجلس الأمن: الجزائر، الاكوادور، غيانا، اليابان، مالطا، كوريا، سيراليون وموزمبيق، وسلوفينيا، وسويسرا.

وحصل مشروع القرار على 14 صوتا مؤيدا من أصل 15، حيث امتنعت الولايات المتحدة الأميركية عن التصويت.

وسعى مجلس الأمن الدولي، مجددا إلى تبني نص يطالب بـ"وقف فوري لإطلاق النار" في غزة، وهو مطلب سبق أن أعاقته الولايات المتحدة مرات عدة، لكنها أظهرت مؤخرا مؤشرات إلى تغيير في لهجتها مع حليفها.

ويطالب مشروع القرار بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع "الرهائن" وضمان وصول المساعدان الإنسانية.

ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لم يتمكن مجلس الأمن إلا من تبني قرارين طابعهما إنساني بشأن ملف العدوان على غزة، من أصل 8 مشاريع طرحت للتصويت.

بدوره هدّد رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بإلغاء زيارة وفد "إسرائيلي" للولايات المتحدة، في حال لم تستخدم الأخيرة حق "النقض" في مجلس الأمن اليوم الإثنين،

وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، مدعومة من الولايات المتحدة وأوروبا، ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، لليوم الـ 172 تواليًا، عبر شن عشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي، والأحزمة النارية مع ارتكاب مجازر دامية ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل.

وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 32 ألفا و333 شهيدا، وإصابة 74 ألفا و694 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 85 بالمئة من سكان القطاع، بحسب سلطات القطاع وهيئات ومنظمات أممية.

 

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
استشهاد فلسطيني بسبب الغاز المسيل للدموع قرب بيت لحم
أبريل 27, 2024
 استشهد اليوم السبت، شاب فلسطيني اختناقا بالغاز المسيل للدموع الذي ألقاه جيش الاحتلال أمام المخبز الذي كان يعمل فيه بقرية حوسان غرب بيت لحم، حيث أرغمه جيش الاحتلال على اغلاق محله التجاري واغلاق جميع المحلات التجارية خلال الاقتحام. وتشهد الضفة الغربية مواجهات ميدانية بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال الإسرائيلي، ما أسفر عن اعتقال الآلاف وارتقاء مئات
تظاهرات في مدن وعواصم عدة تنديدا بمجازر الاحتلال في قطاع غزة
أبريل 27, 2024
 شهدت مدن وعواصم عدة، اليوم السبت، تظاهرات حاشدة تنديدا بمجازر الاحتلال المتواصلة لليوم الـ204 على قطاع غزة. وشارك الآلاف في تظاهرات نظمت في عواصم ومدن عالمية وعربية، دعما للشعب الفلسطيني، وللمطالبة بوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. ورفع المشاركون في التظاهرات الأعلام الفلسطينية، واللافتات المنددة بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان
قواعد الاشتباك على "الجبهة الشمالية".. هل اقترب "الاحتلال" و"حزب الله" من تجاوزها؟
أبريل 27, 2024
تسيطر أجواء من التوتّر على مناطق جنوب لبنان، وذلك بعد سلسلة من الهجمات لجيش الاحتلال الإسرائيلي ضد عدد من القرى والبلدات وارتقاء عدد من اللبنانيين، وسط عمليات جديدة نفذها "حزب الله" اللبناني، ضد مواقع عسكرية للاحتلال عند الحدود. وفي هذا السياق، قال الأكاديمي والخبير الاستراتيجي اللبناني، علي دربج، إن "العدو الصهيوني وضع لنفسه قواعد اشتباك
"القسام" تعرض مقطعا مصورا جديدا لأسرى لديها
أبريل 27, 2024
عرضت كتائب "القسام" الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، اليوم السبت، مقطعا مصورا لأسرى لديها يطالبون حكومة بنيامين نتنياهو بـ"الإفراج عنهم ويحذرون من تداعيات القصف على حياتهم". وبينما قالت القسام إن "الضغط العسكري أدى لمقتل عشرات الأسرى الذين بأيدينا وحرم البقية من الاحتفال بعيد الفصح مع أعزائهم" طالب أسير لدى القسام حكومة نتنياهو بـ"المرونة في
"الشبيبة الفتحاوية" تثمن الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية وتدعوا كواردها إلى التصعيد في أماكن تواجدهم
أبريل 27, 2024
ثمنت حركة "الشبيبة الفتحاوية" (الذراع الطلابي لحركة فتح أكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية) الحراك الطلابي، في الجامعات الأميركية المساند والداعم للقضية الفلسطينية، مشيدة بالأكاديميين الأميركيين "الذين انتصروا لقيم الحرية والعدالة والمساواة، ضد الظلم والعنصرية والاحتلال".   وقالت "الشبيبة الفتحاوية" في بيان لها اليوم السبت، إن هؤلاء "لبوا نداء الإنسانية تضامنا مع الشعب الفلسطيني في غزة
لبنان.."حزب الله" يستقبل قيادة "تحالف القوى الفلسطينية"
أبريل 27, 2024
استقبل مسؤول العلاقات الفلسطينية في "حزب الله"، حسن حب الله، اليوم السبت، قيادة "تحالف القوى الفلسطينية" في لبنان، وهو تحالف يضم طيفا واسعا من الفصائل والتيارات الفلسطينية. ووفقا لبيان صدر عن "حزب الله" فقد جرى البحث في "آخر التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، لاسيما معركة طوفان الأقصى... والتصدي الأسطوري في مواجهة الكيان الصهيوني وشركائه دولة الاستكبار