"لا أوحش الله منك يا رمضان".. نابلس تودع الشهر الفضيل على طريقتها الخاصة
ما أن يدخل الثلث الأخير من شهر رمضان، حتى تبدأ مآذن المساجد في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، تصدح بما يعرف بـ"التوحيشات"، التي تعد طقوسا خاصة في العشر الأواخر من رمضان، تمتاز بها عن غيرها من المدن الفلسطينية.
أما كبار السن فيطلقون كلمة "التحنين" على هذه العادة، ومن كلماتها:
"يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت
يا حنَّان يا منَّان.. أجرنا من عذاب النار...
يا ذا الجود والإحسان ثبتنا على الإيمان..
صلى الله ربنا على النور المبين..
أحمد المصطفى سيد العالمين...
وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم بجاه الحبيب توفنا مسلمين".
ويقول الباحث في تاريخ نابلس، زهير الدبعي، لـ"قدس برس"، إن "التوحيشة، عبارة عن ترانيم وابتهالات دينية تُرتلُ عبر مكبرات الصوت في المساجد قبيل وقت السحور".
ويضيف "يبدأون بذكر الله ثم الصلاة والسلام على النبي محمد عليه السلام، بكلمات مؤثرة، تنم عن فطرة سليمة وتمسك بالشعائر التعبدية، قبل أن ينتقلون إلى ما يشبه النشيد، الذي يعبرون فيه عن حزنهم على فراق الشهر الفضيل".
وكلمات النشيد هي:-
"لا أوحش الله منك يا رمضانا..
يا شهر الخيرات والإحسانا..
شهر الصيام على الرحيل لقد نوى...
يا طول ما تتذكروا رمضانا..
يا ترى دوما نعود ونلتقي
في مثل هذا الشهر يا إخوانا"..
ويشير الدبعي إلى أن "الأمر لا يقتصر على مكبرات الصوت في الوقت الذي يسبق السحور، بل إنك ترى المصلين في الاستراحات خلال صلاة التراويح يكررون التوحيشات ذاتها، حيث يظهرون تأثرا كبير حزنا على قرب انتهاء رمضان".
فيما يقول المؤذن والمنشد، راغب القصص، إن "المعلومات المتوفرة لديهم أن التواشيح تعود للدولة الفاطمية ونقلت إلى مدينة نابلس عبر مشايخ كان يتعلمون في مصر".
ويضيف "القصص": "هناك حب كبير جدا وتقدير واضح من كل من يعيش في نابلس للمؤذنين والمنشدين الذين يتفنون ويتنافسون في تقديم التوحيشات بأصواتهم العذبة. حتى أنهم يطلبون منا إنشادها في مواسم ومناسبات دينية أخرى مثل المولد النبوي وذكرى الهجرة النبوية".
ويتابع: "يعتبر الصوت العذب سلاح الموشِّح في ترتيل التواشيح، ويظل صاحبه مطالبا بالحفاظ عليه بشرب السوائل الدافئة من الزهورات والأعشاب الطبيعية".