تصريحات غالانت حول "دفع الثمن".. إقرار بالفشل أم موافقة على صفقة؟
نقلت صحيفة /يدعوت أحرنوت/ العبرية، عن وزير دفاع الاحتلال يوآف غالانت قوله، إنه "ستكون هناك قرارات صعبة وسنكون مستعدين لدفع الثمن ثم سنعود إلى القتال".
واعتبر مراقبون أن هذا التصريح هو "بداية الاعتراف بالهزيمة"، فيما رأى آخرون، أنه "إشارة موافقة من الجيش لما يمكن أن تسفر عنه المفاوضات التي يخوضها السياسيون مع المقاومة، عبر وسطاء، ولو تطلب ذلك تقديم تنازلات".
ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية في رام الله، أيمن يوسف، أن هذا التصريح "يكشف أن خيارات الاحتلال باتت محدودة، في الوقت الذي يشهد الميدان انسحابات لجيش الاحتلال من خان يونس خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي تلقاها الاحتلال قبل يومين ومقتل 14 جنديا في يوم واحد".
ولفت يوسف في حديثه لـ"قدس برس"، إلى أن هذا الانسحاب "ربما يكون محاولة لبناء جسور الثقة، تمهيدا لصفقة مقبلة بضغط أمريكي خاصة مع تشوه صورة الاحتلال عالميا وانكشاف الإبادة الجماعية التي يرتكبها أمام الجميع وما فعله الاحتلال مؤخرا من استهداف طاقم مطبخ الغذاء العالمي".
وأوضح أن من "تداعيات عقد صفقة محتملة هو انفصال نتنياهو عن سيموترش وبن غفير الذي هدد بالانسحاب من الحكومة في حال انسحاب الجيش الإسرائيلي وذهبت إسرائيل إلى صفقة شاملة مع المقاومة، وبالتالي قد نشهد تفكك التحالف اليميني الذي يقوده نتنياهو وهنا يمكن أن نشهد توسيع الحكومة لتشمل لابيد وبيني غانس لإدارة حكومة الطوارئ وهو أحد المطالب الأمريكية".
وعن تهديد غالانت للعودة للقتال، لم يستبعد يوسف ذلك، إلا أنه يرى أنه "سيكون بوتيرة أقل حيث ستكون أكثر هدوء واستهدافا، خاصة إذا تفككت حكومة الاحتلال وخرج منها بن غفير"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ليست مع وقف دائم للحرب وهي مستعدة لمعركة رفح، حتى بني غانس ولابيد لم يتحدثوا عن انسحاب كامل من قطاع غزة.
ويعتقد يوسف، أن "عملية رفح ستكون طويلة وليست على شكل اجتياح كامل قد يتخللها هدن من اجل استرداد بعض الأسرى، وسيتم التركيز على بعض الانفاق والعمليات الأمنية والاستخباراتية ستكون مدعومة أمريكيا".
بدوره يرى الكاتب والباحث ساري عرابي، أنه "من المبكر الحديث عن هزيمة أو نصر خاصة في ظل اختلال موازين القوى بين المقاومة والاحتلال"، إلا أنه اعتبر تصريحات غالانت "بمثابة تراجع خاصة أن الاحتلال الذي كان يرفض استعادة الأسرى في أي سياق تفاوضي أو تفاهمي مع حماس، إلا أنه فشل في استعادة أسراه عبر القوة العسكرية بعد 7 شهور".
ولفت عرابي إلى أن "الثمن الذي أشار إليه غالانت غير واضح، وحتى الآن لا تغيير في مواقف الاحتلال في القضايا الأساسية كعودة النازحين إلى الشمال ووقف الحرب وسحب القوات، ويعتقد أن الثمن الذي يقصده غالانت ربما هو متعلق بالأسرى من ناحية النوعيات والاعداد".
بدوره اعتبر عصمت منصور أن تصريحات غالانت "إشارة إلى أن المستوى الأمني والعسكري قادر على التعامل مع أي نتائج صفقة مهما كانت صعبة، وفي نفس الوقت لا تكون لدى نتنياهو ذريعة لاستمرار القتال".
ويرى أن "الثمن الذي سيدفعه الاحتلال في أي صفقة سيكون بالدرجة الأولى ما يتعلق بالوضع المتعلق بالاسرى وإخال المساعدات والانسحاب من الشمال، أما وقف الحرب فالاحتلال غير مستعد لذلك حاليا، وأن أي ترتيبات أخرى قد يتم الحديث عنها في وقت لاحق".
واستبعد منصور أن "يتمكن بن غفير من إسقاط الحكومة رغم تهديده بالانسحاب في حال تم عقد أي صفقة توقف الحرب"، مرجحا "عودة الاحتلال للقتال، إلا إذا نجح الوسطاء من فرض المرحلة والثانية والثالثة".
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أميركية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 33 ألفا و 207 شهداء، وإصابة 75 ألفا و 933 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 85 بالمئة من سكان القطاع، بحسب سلطات القطاع وهيئات ومنظمات أممية.