كرم هريش.. يبلغ عامه الأول ووالده بين سجون السلطة والاحتلال
متنقلا بين أحضان جده ووالدته وعائلته، لايزال كرم أحمد هريش يفتقد حضن الأب الحاني الذي لم يعرفه خلال هذا العام إلا ثلاثة أشهر ونصف فقط.
يبحث في الوجوه عنه، عله يراه أو يشعر بملمس يديه، يداعب وجهه وشعره، كما كان يفعل في هذا الوقت المستقطع من حياته.
اختطفت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية والده في رام الله، بعد إغلاق الطريق، ومهاجمتهم لمركبة والده وبجانبه زوجته الحامل بكرم في شهرها السابع.
خوف وهلع أصيبت بها الوالدة بسبب هذه الطريقة الهمجية في الاعتقال، اعتقلوا الوالد، وتركوها بمفردها يرافقها التوتر والقلق والمشهد الذي لن يغيب عن بالها.
وُلد كرم، ووالده لايزال معتقلا في سجون السلطة، يتعرض للتحقيق والتعذيب كما أفاد أثناء عرضه على المحكمة، اعتقل على القضية التي باتت تعرف إعلاميا بقضية انفجار "منجرة بيتونيا"، مع 9 فلسطينيين، في 6 حزيران/يونيو عام 2022، على خلفية انفجار وقع في منجرة بمدينة بيتونيا، تدعي السلطة أن المتهمين في القضية يسعون لـ"الانقلاب على السلطة الفلسطينية".
ونشرت السلطة وثائق وصورا لأسلحة ومتفجرات وخرائط، تبين لاحقا كما تؤكد عائلة هريش، أنها "إما قديمة مأخذوة من مناطق أخرى، أو لاعلاقة لها بهذه القضية، ومن أجل التغطية على فعلهم باعتقال مقاومين، كانت تسوق السلطة هذه الدعاية لإسكات كل الأصوات المعارضة".
لحظة ميلاده كانت الجميع حاضراً إلا والده، الذي لم يعرف بأمر مجيء فلذة كبده إلا بعد يومين، عرف العالم بقدومه ووالده عرف بعد يومين كاملين، بعد زيارة أهله له في سجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية.
وتقول أسماء هريش( شقيقة المعتقل والأسير أحمد هريش)، إن أحمد لم يعش أبسط مشاعر الأبوة التي يمكن أن تعاش بشكل طبيعي ويحياها أيّ أب، حرما منها الأب وابنه، دون سبب وجيه ودون تهمة حقيقية، ودون مبرر جدي.
وتضيف هريش في حديث خاص لـ"قدس برس"، اليوم الأربعاء، أنه "وبعد أشهر من الاعتقال في سجون السلطة وخوض أحمد مع رفاقه المعتقلين إضرابا عن الطعام تجاوز 45 يوما، تم الإفراج عنه وهو بحاله مرضية سيئة، ولا يستطيع الوقوف على قدميه من شدة الإعياء والتعذيب الشديد الذي تعرض له على يد المحققين في أريحا".
وتكمل حديثها وهي تنظر لصورتهما التي جمعتهما سويا لأول مرة، "هذه أول مرة يجتمع كرم بوالده الذي كان يرقد على سرير الشفاء بسبب وضعه الصحي فور خروجه من سجون السلطة، كان اللقاء مشحونا بالعواطف والألم والدموع، كنا نضحك ونبكي، نبتسم ونحزن، ولكن أخيرا اجتمعا".
وتشير هريش إلى أن "هذا اللقاء لم يكن طويلا كما كنا نتمنى جميعا، بعد ثلاثة أشهر ونصف فقط، داهمت أعداد كبيرة من أجهزة السلطة المنزل مجددا، بحثا عن أحمد يريدون اعتقاله من جديد، يريدون تفريقه عن نجله كرم مجددا، وعن أهله، وكل هذا يحصل في شهر رمضان الذي يجتمع فيه الناس ولكن السلطة تفرقنا".
وتلفت إلى أن شقيقها أحمد رفض تسليم نفسه وخرج من المنزل، لأنه "لا يريد أن يعيش نفس الظروف التي عاشها في سجون السلطة مجددا، من تعذيب وشبح وضرب وعزل، فضّل أن يكون مطاردا على أن يكون أسيرا لدى أبناء جلدته، فضّل أن يعيش بعيدا عن نجله الوحيد، على أن يعود للذل مجددا".
وتختم هريش حديثها، "وبعد فترة من المطاردة تدخلت هذه المرة قوات الاحتلال، اعتقلت والدي وشقيقي للضغط عليه من أجل تسليم نفسه، وهذا ما حصل للأسف، اعتقلته وحولته للتحقيق في مركز عوفر، وبعدها بشهر ونصف تم تحويله للاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر، لنعود مجددا مع مسلسل الفراق والألم، وتبتعد المسافات مجددا بين كرم ووالده أحمد".