غزة.. معاناة والد أسير محروم من زيارة ابنه منذ 21 عاما
على الرغم من أن المسافة بين منزل الأسير باسل عريف (41 عاما) ومقر "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" في "حي الرمال" بمدينة غزة، لا تزيد عن 5 دقائق مشيا على الأقدام، إلا أن الوقت يتضاعف مع والد الأسير ليصل إلى نحو ساعة من الزمن وهو عائد من مقر "الصليب الأحمر" بعد أن أوصل زوجته لزيارة ابنها الأسير في سجن "نفحة"، جنوب فلسطين المحتلة.
ينفث أبو باسل ( 63 عاما) دخان سجائره المتعاقبة وهو في الطريق، وهو يسرح في خياله عن سبب منعه من قبل سلطات الاحتلال من زيارة ابنه البكر المعتقل في سجون الاحتلال منذ انتفاضة الأقصى قبل (21) عاما.
عدم سماح الاحتلال لوالد الأسير عريف بالاطمئنان على فلذة كبده، أدخله في حالة نفسية وتفكير عميق طوال هذه السنوات العجاف، كيف يعيش نجله داخل جدران هذا السجن دون أن يعرف عنه شيء.
ويصف أبو باسل، في حديثه لـ "قدس برس"، اليوم الأربعاء، بأن "حالته النفسية باتت صعبة جدا وهو غير قادر على لقاء نجله، الذي كان أحد عناصر الشرطة الفلسطينية، والمحكوم مدى الحياة لمقاومته الاحتلال".
ويقول إن "ابني باسل الذي يحمل هوية الضفة الغربية تنقل في معظم سجون الاحتلال منذ اعتقاله وإيداعه سجن (المسكوبية) كأول سجن دخله وفترة التحقيق القاسية التي مر بها".
ويضيف أبو باسل، "حالتي أصبحت صعبة جدا وأنا بعيد عن ابني كل هذه السنوات، ممنوع من زيارته ونادرا ما يسمح بإخراج صور حديثة له من السجن".
ويوضح والد الأسير، أن "باسل الذي اعتقل في عمر 19 سنة أنهى دراسة البكالوريوس في تخصص العلوم السياسة والاقتصاد من جامعة الأقصى في غزة، ومن المقرر أن يناقش بعد شهرين رسالة الماجستير في العلوم السياسة والاقتصاد من جامعة القدس المفتوحة".
ويضيف، على الرغم من ذلك فإن لدي "أمل كبير بزيارته، وأقدم في كل مرة اسمي للصليب الأحمر لإدراجه في كشف الزيارات لكنه يرفض من قبل الاحتلال ".
وتهون "ام باسل" ( 57 عاما) على زوجها وهي تطمئنه عن حالة ابنها في السجن، بعد أن تمكنت أمس الثلاثاء، لأول مرة منذ عام من زيارته في سجن نفحة الصحراوي".
أحاديث شيقة تصفها الأم في ساعة تمر كالثواني، وهي تزور ابنها من خلف زجاج مقوى وخلفه شبك وهي تحادثه عبر سماعة الهاتف لتعرف أخباره في السجن وكيف يقضي وقته في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
وتقول والدة الأسير، حينما اعتقل باسل، "كنت حاملا بأخته الصغيرة سجى، التي كبرت وتزوجت وعندها طفل، دون أن تلتقي شقيقها الأكبر".
وتؤكد والدة الأسير، أنها "منذ 21 سنة وانا أتمنى أن أدخل عند باسل خلال الزيارة أحضنه و أقبله، لكن طلبي قوبل بالرفض دوما باستثناء مرة يتيمة قبل 5 سنوات خلال التقاط صورة معه".
وأضافت، لم أصدق نفسي حينما عرفت بموضوع الصورة، حيث دخلت عنده في السجن لمدة دقيقتين فقط لحظة التقاط الصورة، ولم أشبع منعه وأنا احتضنه هذه المدة القصيرة".
وسمحت سلطات الاحتلال مؤخرا، أهالي أسرى قطاع غزة بزيارة ذويهم، بعد منع استمر لسنوات طويلة، حيث يحظى كل أسير بزيارة كل شهرين ولكنها غير منتظمة.
في المقابل لا يزال بعض الأسرى ممنوعين من الزيارة وكذلك ذووهم من الدرجة الأولى كما هو الحال مع والد باسل.
ويبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي حسب مؤسسات معنية بشؤون الأسرى، نحو 5000 أسير من بينهم 190 من قطاع غزة.