"صبرا وشاتيلا" بعد 41 عاما... صدمة محفورة في ذاكرة الفلسطينيين واللبنانيين

إنها ساعات الفجر الأولى، من يوم 16 أيلول/سبتمبر 1982، في مخيمي "صبرا" و"شاتيلا" للاجئين الفلسطينيين في العاصمة اللبنانية بيروت، في ذلك اليوم كان قد مضى يومان على اغتيال رئيس الجمهورية آنذاك بشير الجميّل، وبضعة أشهر من اجتياح جيش الاحتلال الإسرائيلي للبنان.

مسلحون ينتمون إلى مليشيات لبنانية مدعومين من جيش الاحتلال، اقتحمت المخيم، وبدأت في تنفيذ مجزرة استمرت لثلاثة أيام، سالت فيها دماء المئات من الرجال والأطفال والنساء، فلسطينيون ولبنانيون.

وفي هذا السياق، قالت الشاعرة الفلسطينية، اللاجئة رحاب كنعان، الملقبة بـ "خنساء فلسطين"، إنها "فقدت 51 فرداً من عائلتها في مجزرتي (تل الزعتر) و (صبرا وشاتيلا)، بينهم ابنها ماهر ووالداها و 5 أشقاء و3 شقيقات".

وأضافت كنعان في حديث مع "قدس برس" اليوم السبت، الذي يصادف الذكرى الـ 41 لوقوع المأساة، أنه "سبق مجزرة صبرا وشاتيلا حصار إسرائيلي للمخيمات الفلسطينية؛ انتهى بضمانات دولية بحماية سكان المخيمات العزّل بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت، لكن الدول الضامنة لم تفِ بالتزاماتها، وتركت الأبرياء يواجهون مصيرهم قتلًا وذبحًا وبقرًا للبطون، في صورة بشعة تعكس بشاعة الإرهاب الصهيوني".

وأدى الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 إلى مغادرة منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس، وقد استفادت إسرائيل من إنشاء شريط أمني في جنوب لبنان حيث شهد الجليل تخفيفاً في عدد العمليات الفدائية، التي نفذتها منظمة التحرير في السبعينيات، فيما تكفلت جهات دولية بتأمين الحماية للفلسطينيين العزل في المخيمات هناك.

وأشارت كنعان إلى أنه "بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت ألقى رئيس حزب الكتائب اللبنانية، بشير جميّل، خطاباً يحمل في طيّاته الكثير من الرسائل؛ وعلى رأسها أن هناك مصيبة كبيرة ستحدث، لكن لم يكن الشعب الفلسطيني يدري أين ومتى ستحصل".

وتابعت "لو أن هناك ضميراً حياً وقانوناً دولياً يحاسب القتلة لما كان ارتكب الصهاينة ومعهم الميليشيات اليمينية المتطرفة في لبنان أكثر من 16 مجزرة بحق الشعب الفلسطيني".

وشددت على أن "الشعب الفلسطيني لن ينسى ولن يغفر، وستبقى المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه جرحاً نازفاً في الجسد الفلسطيني، ولن تضيع الدماء هدراً" بحسب قولها.

وأكدت أنه "من حق الشعب الفلسطيني أن يعيش في وطنه محرراً من دنس الصهاينة، وأن يعيش شعبنا بعيداً عن الاحتلال والقتل والإجرام وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الأبدية".

من جهته، أكد العميد في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، محمد الحلو، أنه "في مثل هذا اليوم بدأ القَتَلة في الميليشيات الصهيونية واللبنانية يقتلون المدنيين قتلاً بلا هوادة" على حد تعبيره.

وأضاف الحلو في حديث مع "قدس برس" أن "أطفالاً في سن الثالثة والرابعة وجدوا غرقى بدمائهم، وحوامل بقرت بطونهن، ونساء تم اغتصابهم قبل قتلهن، ورجال وشيوخ عزّل ذبحوا وقتلوا، وكل من حاول الهرب كان القتل مصيره، وكل من وصل إلى أطراف المخيم كان مصيره القتل أيضاً".

من جانبه، أكد الباحث والناشط الحقوقي، في "المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان - شاهد"(حقوقية مقرها بيروت)، حسن السيدة، على أن "الشعب الفلسطيني لم، ولن ينسى الجرائم التي ارتكبت بحقه، ولن تسقط بالتقادم".

وشدد لـ"قدس برس" على أن "مرتكبي المجازر بحق الشعب الفلسطيني لن يستطيعوا الإفلات من العقاب مهما طال الزمن، داعياً إلى سوق المرتكبين جميعهم إلى المحاكمة عاجلاً غير آجل".

وفي 16 أيلول/سبتمبر 1982، وقعت مجزرة "صبرا وشاتيلا"، واستمرت ليومين، وقُدر عدد الضحايا بين 750 قتيلاً و3500 مفقود.

واتهم بارتكاب المجزرة مليشيات الكتائب المسيحية اللبنانية، وجيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي كان يسيطر سياسيًا وعسكريًا على تلك الميلشيات، وكان معظم الضحايا من المدنيين الفلسطينيين؛ جلّهم من الأطفال والنساء والشيوخ في مخيمي صبرا وشاتيلا.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
هل يمنع الاحتلال توظيف المعلمين الدارسين في الجامعات الفلسطينية بالداخل المحتل؟
يوليو 6, 2025
رأى العديد من المتابعين، أنّ إقرار "الكنيست الإسرائيلية" وتصدبقها بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون وقرار بموجبه رفض منح رخصة تدريس لكل من يحمل شهادة من المؤسسات الأكاديمية الفلسطينية، يرمي إلى "تحقيق العديد من المكاسب السياسية والوطنية وفي مقدمتها ضمان عدم تأثر الطلبة بالأبعاد الوطنية والإبقاء على حالة الفصل بين فلسطيني الداخل وأهالي الضفة الغربية". بدوره
دا سيلفا يدعو لكسر الصمت الدولي تجاه الجرائم التي ترتكبها "إسرائيل" في غزة
يوليو 6, 2025
دعا الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى ضرورة كسر الصمت الدولي تجاه الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال في قطاع غزة، مشددًا على أن "ما يجري يمثل إبادة جماعية بحق المدنيين الفلسطينيين". وقال لولا، خلال كلمته الافتتاحية في قمة مجموعة "بريكس" (تكتل اقتصادي عالمي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) المنعقدة في ريو
"الديمقراطية" تشيد بالدعاوى الأوروبية ضد داعمي جرائم الاحتلال وتدعو لتوسيع المواجهة القانونية
يوليو 6, 2025
أشادت "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" (إحدى فصائل منظمة التحرير) بسلسلة الدعاوى القضائية التي بدأت تُرفع في عدد من الدول الأوروبية ضد أفراد ومؤسسات متورطين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في فلسطين، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية. وأكدت "الديمقراطية"، في بيان تلقّته "قدس برس"، اليوم الأحد، أن "هذه المبادرات تشكّل بارقة
أوساط في حركة "فتح" بلبنان ترفض قرار إعفاء نائب المشرف على الساحة اللبنانية من منصبه
يوليو 6, 2025
أثار قرار رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بإعفاء سفير السلطة الفلسطينية في بيروت، أشرف دبور، من مهامه كنائب للمشرف العام على الساحة اللبنانية، ردود فعل غاضبة داخل الأوساط الفتحاوية في لبنان. واعتبرت مجموعة "أحرار حركة فتح" أن القرار "انتقامي وغير شرعي"، ويعكس دوافع شخصية وتنظيمية خطيرة ترتبط بمواقف دبور الداعمة لوحدة الحركة واستقلالية قرارها. وفي
"إمارة الخليل".. محاولة إسرائيلية فاشلة لاختراق النسيج الوطني الفلسطيني
يوليو 6, 2025
نشر موقع "وول ستريت جورنال" الأمريكي، مساء السبت، تقريرًا بعنوان "عرض سلام جديد مع إسرائيل"، كشف فيه عن وثيقة قُدّمت من قبل رجل يُدعى وديع الجعبري، من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، بمشاركة أربعة أشخاص آخرين، إلى وزير الاقتصاد في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، نير بركات. وتضمنت الوثيقة رغبة المجموعة في التوصل إلى "اتفاقية سلام"
إغارة "القسام" في خان يونس.. دلالاتها العسكرية والسياسية؟
يوليو 6, 2025
في وقت يظن فيه الاحتلال أنه أحكم قبضته على قطاع غزة، وبينما يعاني الفلسطينيون من حصار خانق ومجازر مستمرة منذ ما يزيد على 640 يومًا، جاءت مشاهد العملية الأخيرة في خان يونس لتقلب معادلات المعركة، وتعيد تشكيل الوعي السياسي والعسكري من جديد. العملية التي وُثقت بعدة زوايا وبُثّت مقاطع مصورة منها، لم تكن مجرد كمين