دماء في غزة وصمت بالضفة... ما الذي يحدث؟
تشير تقديرات مراقبين، إلى أن بطش قوات الاحتلال واعتداءات المستوطنين، ليست هي السبب الوحيد، الذي يحول بين الفلسطينيين بالضفة الغربية وبين تفاعلهم مع العدوان الإسرائيلي على غزة.
يقول مراقبون ومصادر مطلعة، إن انخراط الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية، في عمليات تهدف إلى كبح جماح الشارع الضفاوي، ساهم في منع حصول انتفاضة في مناطق الضفة حتى الآن، مما حمى خاصرة من خواصر الاحتلال.
فيما أكد رئيس الحكومة في السلطة الفلسطينية، محمد اشتية، في أحدث تصريح له، أن السلطة الفلسطينية "لن تتخلي" عن رفضها لاستخدام العنف والمقاومة المسلحة.
وأكد القيادي السابق في حركة "فتح"، حلمي البلبيسي، أن ما تقوم به الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية من اعتقالات للمتظاهرين الداعمين لغزة، "أمر ليس بجديد على هذه السلطة التي نشأت تحت عين الاحتلال ورعايته" على حد تعبيره.
وقال البلبيسي في تصريحٍ لـ "قدس برس" إن "السلطة الفلسطينية مارست هذه الأدوار على مدار عشرين عاما، من خلال مساعدة قوات الجيش الإسرائيلي التي تدخل المدن الفلسطينية، بإعطائها معلومات عن أماكن سكن المقاومين، لاعتقالهم أو قتلهم".
وأضاف "السلطة الفلسطينية ارتبطت في اتفاقيات تؤدي فيها دور العين والأذن للعدو، والأجهزة الأمنية الفلسطينية تتابع نشاط الفصائل المقاومة، وتنقلها للعدو حتى تحبطها في الضفة الغربية، وترفض أي حراك جماهيري يتفاعل مع الأحداث في قطاع غزة".
ولفت إلى أن "كثيراً من القوى الأمنية في السلطة الفلسطينية مرتبطة ارتباطا عضويا بتقديم خدمات للاحتلال، والأخير سيرفع يده عنهم، إن لم يقوموا بالأدوار المطلوبة منهم على أكمل وجه" بحسب اعتقاده.
وكشفت مصادر مطلعة في السلطة الفلسطينية، أن قادة الأجهزة الأمنية في السلطة، يقومون منذ بداية اندلاع معركة "طوفان الأقصى"، بمنع تدهور الأوضاع في الضفة الغربية، خشية من الاصطدام مع الفلسطينيين الغاضبين؛ بسبب جرائم الاحتلال في قطاع غزة.
وأضاف مصدر، فضل عدم الكشف عن هويته، لـ"قدس برس"، أن "أبرز معالم هذا التدخل، كانت في تسليم أسماء النشطاء في إحدى مدن الضفة الغربية الذين ينظمون المسيرات، ما أدى إلى اعتقالهم من قبل الاحتلال وتفريغ الساحة من أي نشاط، ولضمان عدم جر الشارع إلى المواجهة والهتاف ضد السلطة الفلسطينية".
وأكد أنه تم "استخدام الضغط على مدراء المؤسسات الأهلية والرسمية لعدم تنظيم وقفات تضامنية مع غزة وخصوصا البلديات، وتحويل التعليم إلى تقنيات التواصل عن بعد في المدارس الثانوية للتحكم في حركة الطلاب الذين يدعمون غزة، ويطالبون السلطة بالتدخل".
وأشارت المصادر، إلى أن حالة التوتر الكبير في العلاقة بين السلطة الفلسطينية وحركة "حماس"، منعت النشطاء والجماعات الشعبية بالضفة الغربية من التعبير عن تضامنها مع غزة "ما يعكس مشهدا ضفاويا غير متفاعل، كما يجب، مع العدوان على غزة".
وشدد رئيس حكومة السلطة الفلسطينية، محمد اشتية، في تصريح لصحيفة /الغارديان/ البريطانية، اليوم الثلاثاء، على أن السلطة الفلسطينية ستبقى "تعارض استخدام العنف"، وقال "لن تفعل ذلك (السلطة) مقابل استعادة شعبيتها".
وأضاف يقول إن "(رئيس السلطة الفلسطينية محمود) عباس يمكن أن يحظى بشعبية واسعة في دقيقة واحدة، يمكنه أن يقول: حسناً، أنا آمر قوات الأمن الفلسطينية بإطلاق النار على الإسرائيليين. لكنه رجل واقعي" على حد تعبيره.
ومع ذلك أقرّ أشتية في حديثه مع الصحيفة البريطانية، بأن "الغضب يتصاعد بسرعة بين الفلسطينيين، وأن الوضع في الضفة الغربية يغلي، وأنه أصبح خطيراً جداً، مما يترك السلطة الفلسطينية عالقة بين السكان الغاضبين والحكومة الإسرائيلية العنيفة".
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، شن حملات اعتقال واسعة في الضفة الغربية بلغت حصيلتها نحو 1680، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الحالي.
وأوضحت "هيئة شؤون الأسرى والمحررين" و"نادي الأسير الفلسطيني" في بيان صحفي مشترك أمس الاثنين، أن عمليات الاعتقال تركزت بعد السابع من الشهر الحالي، في مناطق الخليل، حيث طالت نحو 500 فلسطيني معظمه من نشطاء حركة "حماس"، تليها مدينة القدس المحتلة.
وأشارت إلى أنه استُشهد معتقلين اثنين في سجون الاحتلال، وهما: عمر دراغمة، وعرفات حمدان، وهما من بين من اعتُقلوا بعد السابع من تشرين الأول الشهر الحالي.