سفير جنوب إفريقيا في لندن: نواصل خطى "مانديلا" بالنضال من أجل فلسطين
كرّم وفد من الجالية العربية في بريطانيا المفوض السامي لجمهورية جنوب أفريقيا في المملكة المتحدة جيريميا نياماني مامابولو، بزيارة نظمتها منصة "العرب في بريطانيا" تعبيراً عن امتنان الجالية لجمهورية جنوب أفريقيا بعد أن أحالت أوراق الإبادة الجماعية التي يقوم بها الاحتلال في غزة إلى محكمة العدل الدولية.
وقدم الوفد درعا تقديريا للسفير ولوحة تذكارية مشغولة يدوياً لصورة المسجد الأقصى المبارك.
وقال السفير جيريميا نياماني مامابولو في كلمة له للوفد الزائر: "أشكر وفد العرب في بريطانياً ممثلا برئيسه عدنان حميدان. لقد وجدت منصة العرب في بريطانيا تشارك شعبنا في جنوب أفريقيا مجموعة من القيم النبيلة، ومنها تقديس حقوق الإنسان ووجوب حمايتها. نحن نقاتل وندافع عن الخير للبشرية جمعاء، وبالتالي سنرفض أي انتهاك لحقوق الإنسان في أي مكان في العالم".
وأضاف متحدثا عن منصة "العرب في بريطانيا": "عند البحث في موقعكم الرسمي، جذبني تعبيركم الذي أقتبسه حرفيا: "نحن نتحد ولا ننقسم؛ نقف معا ولا نفترق؛ نندمج في المجتمع البريطاني دون أن نذوب فيه"".
وتابع: "جمهورية جنوب أفريقيا الديمقراطية خرجت من تحت أنقاض نظام فصل عنصري غير إنساني. لقد قاتلنا ضد جميع أشكال التمييز، سواء كانت عنصرية، على أساس الدين، الثقافة أو الجنس واللون. كنا ولا زلنا متحمسين لجعل جنوب أفريقيا وأفريقيا كلها والعالم مكانا أفضل للعيش فيه، أعلن الرئيس المؤسس لجنوب أفريقيا الديمقراطية نيلسون مانديلا أن جنوب أفريقيا لن تعتبر نفسها حرة ما لم يكن شعب فلسطين حرا".
وأكد مفوض جنوب أفريقيا، أن بلاده "عندما تخلصت من صراعها وبدأت في تفكيك نظام الفصل العنصري، سرى اعتقاد خاطئ بأن الفصل العنصري قد انتهى. ولكن نرى وندرك الآن أنه يطل برأسه من جديد في شكل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين".
وقال: "نحن نشهد أمام أعيننا ارتكاب الإبادة الجماعية، والقصف العشوائي الذي أدى إلى قتل المدنيين الأبرياء بما في ذلك النساء والأطفال، حتى الأطفال في الحاضنات معرضون لخطر القضاء عليهم، والمستشفيات والكنائس ومراكز اللاجئين كذلك تتعرض للقصف المستمر ، فلسطين كلها تتحول إلى أنقاض، إضافة لمحاولة تجويع السكان، ورفض حصول الناس على المياه والرعاية الصحية والوقود وجميع الضروريات الأساسية. إذا لم تكن هذه إبادة جماعية، فلن نعرف أبدا ما هي الإبادة الجماعية، وستكون هناك حاجة إلى تعريف آخر".
وأضاف: "ما هو أكثر إزعاجا، هو أنه يبدو أن هناك إفلاسا للقيادة العالمية، والبلدان التي تنبري عادة للمطالبة بالسلطة الأخلاقية عندما تناسبها فقط، ولا تنادي إسرائيل وتحاسبها على الفظائع التي ترتكب. حتى في الوقت الذي أصبحت فيه تصرفات إسرائيل محرجة بشكل متزايد مع الانتهاك الشديد لحقوق الإنسان، إن قادة العالم يتشبثون بالقش في محاولة لتبرير عمل إسرائيل. ويذهبون إلى توبيخ من هم مثل جنوب أفريقيا التي قررت إحالة إسرائيل إلى القضاء".
وحول الإجراء الذي اتخذته جنوب أفريقيا برفع شكوى ضد إسرائيل في العدل الدولية، قال مفوض جنوب أفريقيا في بريطانيا: "ما قيل لنا مرارا وتكرارا هو أن إجراءنا المتمثل في أخذ إسرائيل إلى المحكمة لا أساس له من الصحة ولا ينفع إلا كإلهاء. نطرح سؤالا، إلهاء عن ماذا؟ ليس لدينا أي محاولة جادة من قبل هذه القوى للتفاوض على حل للأزمة، لذا فإن دعوتهم إلى عدم اتخاذ أي إجراء هي في الواقع محاولة لخلق شلل بينما تمضي إسرائيل قدما في محاولاتها لإبادة الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "أجدد الترحيب بكم وأؤكد أن جنوب أفريقيا ستظل ملتزمة حتى النخاع، وسنواصل الكفاح من أجل ما هو صحيح وعادل. الفلسطينيون مثل أي جنسية أخرى يستحقون حياة كريمة عادلة، ولديهم الحق في العيش بكرامة"، وفق تعبيره.
من جانبه قال المتحدث باسم الوفد الدكتور أنس التكريتي: "نحن هنا اليوم، ممثلين لأكثر من عشرين دولة، تمتد من شرق الوطن العربي في العراق والكويت ودول الخليج، إلى أقصى غربه في المغرب وموريتانيا. تجمعنا هذه المناسبة التي نظمتها منصة العرب في بريطانيا، لنقف معًا ونعرب عن عميق امتناننا وتقديرنا للموقف الإنساني والنبيل الذي اتخذته جمهورية جنوب أفريقيا وشعبها تجاه الإبادة الجماعية التي يشهدها العالم في غزة منذ نحو أربعة أشهر".
وأضاف التكريتي: "هذا الموقف يكتسب أهمية استثنائية في ظل ما يبدو من شلل في المجتمع الدولي أمام المأساة المستمرة التي تشهدها غزة، حيث تتكشف المشاهد المروعة لا بالأيام بل بالساعات. والواقع المرير أن العالم الذي ينادي بالإنسانية والكرامة، يقف صامتًا، بل ويشجع على استمرار الجرائم، في الوقت الذي يذهب فيه الأبرياء من أطفال ونساء ومسنين ومرضى ضحايا كل يوم في غزة. إن موقف جنوب أفريقيا يضيء شمعة أمل في ظلام هذا الصمت الدولي".
وأنهى التكريتي تصريحاته قائلا: "لا بد من الإشارة إلى الإرث العظيم لجنوب أفريقيا ونيلسون مانديلا، وكيف ألهمت نضالاتهم العالم أجمع، وهذا الإرث يضفي قيمة إضافية على موقف جنوب أفريقيا اليوم، الذي يعتبر انتصارًا للإنسانية وللعدالة التي يسعى إليها الفلسطينيون. وأشيد بالوثيقة التي قدمتها جنوب أفريقيا إلى المحكمة الدولية للعدل، وأعتبرها وثيقة تاريخية تسجل الجرائم ضد الشعب الفلسطيني وتمثل أملاً في تحقيق العدالة"، على حد تعبيره.
وكان الفريق القانوني لجنوب أفريقيا قال خلال المرافعة أمام المحكمة إن "إسرائيل تكثف جرائمها ضد الفلسطينيين منذ عام 1948، وإنها تخضع الفلسطينيين لنظام فصل عنصري"، مضيفا أن "المجتمع الدولي فشل في منع الإبادة الجماعية في غزة".
وخلال المرافعة في 29 كانون الأول/ديسمبر الماضي، أشار الفريق إلى أن "أفعال إسرائيل في حرب غزة تشير إلى نية ارتكاب إبادة، وأن مئات من العائلات في غزة قتلت بالكامل، ولم يبق منها أي فرد على قيد الحياة".
وتواجه دولة الاحتلال قضية "إبادة جماعية" رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي في 29 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بسبب جرائمها في قطاع غزة، والتي وصفتها الأمم المتحدة بأنها "انتهاك للقوانين الدولية".
وأعلنت محكمة العدل الدولية (أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة)، أمس الأربعاء، أنها ستصدر الجمعة قرارا تاريخيا في القضية المرفوعة ضد إسرائيل المتهمة بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.
ومن الممكن أن تأمر المحكمة إسرائيل، بوقف عدوانها على قطاع غزة، المتواصل منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أميركية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 25 ألفا و900 شهيد، وإصابة 64 ألفا و110 أشخاص، إلى جانب نزوح أكثر من 85 بالمئة (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب سلطات القطاع وهيئات ومنظمات أممية.