تخفيض التصنيف الائتماني لدولة الاحتلال للمرة الأولى بسبب الحرب مع نظرة مستقبلية سلبية
أعلنت شركة التصنيف الائتماني الدولية "موديز" مساء (الجمعة)، خفض التصنيف الائتماني لدولة الاحتلال من مستوى A1 إلى A2، كما خفضت تصنيف نظرتها للمستقبل من "مستقر" إلى "سلبي"، مع دخول العدوان على غزة شهره الخامس، وهذا يعني أن التصنيف الائتماني قد يستمر في الانخفاض.
وقالت صحيفة /يسرائيل هيوم/ العبرية: إن خفض التصنيف هو الأول منذ إنشاء الدولة العبرية، وهو السيناريو الأسوأ الذي يمكن أن يحدث من وجهة نظر الحكومة الإسرائيلية، التي بذلت جهوداً لمنعه.
وأشارت إلى أنه منذ عام 1995، عندما أضيفت إسرائيل إلى التصنيف، لم يتغير التصنيف الائتماني لإسرائيل أبدًا.
وأضافت أنه وفي نص قاسٍ وانتقادي بشكل خاص، ذكرت شركة التصنيف الدولية "موديز" أن المخاطر الجيوسياسية، وخاصة المخاطر الأمنية، ستظل مرتفعة إلى حد كبير على المدى المتوسط والطويل. كما قد تواجه دولة إسرائيل فترة من الاضطرابات السياسية الداخلية المتزايدة، عندما يتم حل حكومة الحرب.
ورأت الشركة، أن ارتفاع المخاطر الأمنية يرتبط أيضا بزيادة المخاطر الاجتماعية في دولة إسرائيل، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى إضعاف مؤسسات الدولة، كما تعتقد وكالة موديز أن "خطر تصعيد الصراع لا يزال كبيرا، وخاصة الصراع الذي يتعلق بتنظيم حزب الله في شمال فلسطين المحتلة".
وأوضحت الصحيفة أن الدافع الرئيس لخفض التصنيف الائتماني لدولة الاحتلال، إلى مستوى A2 هو تقييم الشركة بأن العواقب الجانبية للحرب الحالية مع حماس، أثناء وبعد نهايتها، تزيد بشكل كبير من المخاطر الجيوسياسية في دولة الاحتلال، وتضعف السلطتين التشريعية والتنفيذية وتضر بالقوة المالية للدولة العبرية في المستقبل المنظور.
وتشير تقديرات وكالة موديز إلى أنه على الرغم من أن القتال في غزة قد يتصاعد أو قد يتوقف على الأقل، إلا أنه لا يوجد حاليًا أي اتفاق لإنهاء الصراع أو اتفاق على خطط طويلة المدى لاستعادة وتعزيز أمن دولة الاحتلال.
ووفق الصحيفة، تعني البيئة الأمنية السيئة زيادة في المخاطر الاجتماعية وتشير أيضًا إلى ضعف السلطتين التشريعية والتنفيذية، على عكس التقييمات السابقة للشركة. وفي الوقت نفسه، يتدهور الوضع المالي في دولة الاحتلال، وقد انعكس الاتجاه الهبوطي في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، حيث تتوقع الشركة أن عبء الديون سيكون أعلى بكثير من التوقعات التي كانت موجودة قبل الصراع.
وذكرت الصحيفة أن التوقعات السلبية، تعكس موقف الشركة بأنه حتى على مستوى التصنيف A2 هناك مخاطر سلبية، وعلى وجه التحديد، يمكن أن يكون لسيناريو تصعيد الصراع مع منظمة حزب الله تأثير سلبي على الاقتصاد أكثر.
وأضافت أنه على نطاق أوسع، فإن عواقب الصراع الحالي في غزة على تصنيف إسرائيل سوف تصبح واضحة على مدى فترة طويلة من الزمن. وقد يتبين أن التأثير السلبي على مؤسسات الدولة أو وضعها المالي أكبر مما تتوقعه الشركة.
وأكدت وكالة موديز أن "أحد الأسباب الرئيسية لخفض التصنيف الائتماني هو التقييم بتعرض دولة إسرائيل لمخاطر جيوسياسية يمكن، مع وجود احتمال كبير، أن يستمر في المستقبل المنظور، حتى لو كان هناك انخفاض في الشدة أو انخفاض وقف القتال في غزة."
وأكدت "موديز" أنه "على الرغم من أن المفاوضات جارية حاليا لإطلاق سراح الأسرى مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار وإدخال مساعدات إنسانية إضافية إلى غزة، إلا أنه ليس هناك وضوح بشأن آفاق ومدة وقدرة تنفيذ مثل هذا الاتفاق".
وأشارت الشركة إلى أن حقيقة أن حكومة الولايات المتحدة ودول المنطقة قدمت الخطوط العريضة لخطة طويلة المدى تتضمن إنشاء إطار سياسي جديد للحكم والقيادة في غزة قد تساهم في تحسين أمن إسرائيل، إلا أن الحكومة الإسرائيلية رفضت حتى الآن مثل هذه الخطط. علاوة على ذلك، حتى لو تم التوصل إلى مثل هذه الخطة في نهاية المطاف، فإن نجاحها المستمر مع مرور الوقت، في رأي الشركة، سيكون موضع شك. لذلك، وستظل المخاطر الجيوسياسية، وخاصة الأمنية مرتفعة إلى حد كبير في إسرائيل على المدى المتوسط والطويل، كما قد تواجه دولة إسرائيل فترة من الاضطرابات السياسية الداخلية المتزايدة مع حل حكومة الحرب.
مصاريف الأمن والفوائد المرتفعة
وأشارت الشركة إلى أن عجز الموازنة الإسرائيلية، خلال السنوات المقبلة سيكون أعلى بكثير مما كان متوقعا قبل الصراع. ويقدر بنك إسرائيل أن تكلفة الحرب للأعوام 2023-2025 ستبلغ نحو 255 مليار شيكل (61 مليار دولار)، أي نحو 13% من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2024، وستشمل ارتفاع النفقات الدفاعية والمدنية فضلا عن انخفاض في النفقات وعائدات الضرائب. كما أن مصاريف الفوائد ستكون أعلى بشكل دائم.
وبحسب الشركة، ووزارة المالية الإسرائيلية، فإن الزيادة الدائمة في الإنفاق الحكومي ستبلغ 1.4% على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المحتمل أن تكون أقرب إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، إذا امتد الصراع أو تصاعد إلى ما هو أبعد مما هو متوقع حاليًا.
وفي السيناريو الأساسي، تتوقع وكالة موديز أن نفقات الدفاع الإسرائيلية ستبلغ ضعف تلك المسجلة في عام 2022 تقريبًا بحلول نهاية هذا العام، وأنها ستستمر في النمو بمعدل لا يقل عن 0.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في كل سنة من السنوات المقبلة، وهذا يعني أن النفقات ستكون أعلى، وسيرتفع عجز الموازنة لعام 2023 من مستوى أقل من 2% من الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي في الموازنة المعدلة التي تمت الموافقة عليها في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأشارت موديز إلى أنه نتيجة لمعدلات العجز المرتفعة المتوقعة في السنوات المقبلة، سترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى قياسي يبلغ 67% بحلول عام 2025، من 60% في عام 2022.
الحرب في الشمال
وترى الشركة أن "خطر تصعيد القتال لا يزال كبيراً، لا سيما إذا كان يتعلق بتنظيم حزب الله في شمال فلسطين، وذلك على الرغم من الوعي الكبير لدى الجانبين بالعواقب السلبية لهذا النوع من القتال واسع النطاق. فالقتال ضد حزب الله من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم المشكلة ويشكل خطرا أكبر بكثير على دولة الاحتلال، حيث من المتوقع أن تشمل أضرارا كبيرة في البنية التحتية، وإعادة تجنيد جنود الاحتياط، ومزيد من التأخير في عودة المستوطنين الذين تم إجلاؤهم إلى المنطقة.
وتعقيبا على قرار "موديز"، قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو: إن قرار وكالة موديز خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، ليس له علاقة بالاقتصاد، بل يرجع بالكامل إلى حقيقة أننا في حالة حرب. سوف يرتفع التصنيف مرة أخرى بمجرد فوزنا في الحرب.